بقلم/ محمد آدم
تصوَّر المصريّون القدماء أنّ الهاوية السّحيقة للإله “نو” محاطة بفقاعةٍ فيها الحياة ذاتها، وهو ما يُمثّل أعمق ألغاز نشأة الكون. هكذا يُشير معرض “نو رايسينج” إلى الخَلْق، ويبدو أنّ الفنانين الخمسة عشر المُشاركين لم يكُن بوسعهم اختيار نقطة انطلاق تتّسم بمزيدٍ مِن القوة والإلهام وتعكس تعاونهم في استكشاف أشكالٍ مختلفةٍ مِن الأساطير أكثر ممّا يحمله هذا العنوان.
في لقاءٍ مع الفنانة المصرية نورا خورشيد قالت: “شاركنا جميعًا بطريقةٍ أو بأُخرى في إنتاج كلّ قطعة”. فقد استطاعت نورا، بمُساعدةٍ مِن زملائها، إنشاء غرفة تُمثّل اندماجًا لأساطير الخلق المُختلفة حيث أسهمت في بناء عالَمٍ مِن خيالِها مُستعينةً بجهاز عرضٍ للشّخصيّات المُتحرّكة المرسومة على الحائط المُواجِه التي تحكي قصص الخلق.
وتُضيف نورا خورشيد: “خطرت ببالي هذه الفكرة قبل أن نلتقي في القاهرة، لذلك طلبت مِن الجميع قراءة قصّتهم وإرسال تسجيل صوتي بموضوعٍ يناسبهم.. شعرتُ بأنّي مفتونة بما أرسلوه كأنني أستطيع سماع أفكاري مِن خلال أصوات الآخرين”.
اختار جاكوب كارسبرغ وجنة الدراجي فنانين مِن خلفيات فنّيّة مُتعدّدة، وكانت المرة الأولى التي تمكّنوا فيها مِن الالتقاء معًا في ورشة العمل في القاهرة.
خارج الغرفة التي تُجسّد عالم نورا خورشيد، أنشأ يزن الزعبي شاشةً تفاعليّةً لاستكشاف العديد مِن المناظر الطّبيعية وكيف تُؤدّي أدوارًا رئيسيّةً في صناعة الأسطورة أو نسجها، حيث تظهر المناظر الطبيعيّة وتتحرّك وتتحوّل وفقًا لحركة المشاهد
عند النّزول على السّلم والاتّجاه إلى حديقة بردو كلوب هاوس الجميلة، يجد الزّائرون في مواجهتهم “منزلًا مصنوعًا مِن الشّجر” به منحوتات في الدّاخل تعمل كمُكبّرات صوت وميكروفونات لتسجيل وبثّ الأساطير الحضرية. كان المنزل مُغطّى بلوحات حيّة ملوّنة تُصوّر إبداعات بشريّة أسطوريّة.
يقول فيليس جونيور، الذي وُلد في البرازيل ويعيش حاليًّا في الدنمارك منذ سنوات عديدة: “أدركت أنّ اللغة وحدها لا تكفي للتواصُل، نحتاج تعلّم الكثير حتى نتمكّن مِن فَهم الثقافة المصرية”.
ويُضيف قائلًا: “في أوروبا، مِن السّهل التّفكير في أنّه بمُجرّد العثور على لُغةٍ مُشتركةٍ للتّواصُل مثل اللغة الإنجليزيّة يُمكنك فَهم مَن تتحدّث إليه لأننا نتشارَك ثقافة غربية”.
أصبحت ورشة العمل تجربة غنيّة جدًّا بالنّسبة إليه أتاحت له رؤية منظورٍ جديدٍ للتنوّع الثقافي.
أوّل ما يُواجه الزوّار في مدخل المعرض الفني هو عجلة عملاقة واقفًا بجوارها أحد الفنانين مُوجّهًا لهم الحديث: “أدِر العجلة لتعرف مَن أنت!”
يُمكن أن تكون أنت أسطورة الحائك أو النهر أو الأعمى أو اليد أو المُحتال أو الطّفل أو مُقدّم الرعاية حيث تستكشف العجلة أطيافًا مِن الأساطير المُتعلّقة بالشخصيات البشرية، وهكذا يُدير الزوّار العجلة ويلتقطون ورقةً تشرح لهم سمات كلّ أسطورة. على سبيل المثال، كاتب هذا المقال هو النهر مِن وجهة نظر عجلة الحظ.
في نهاية اليوم الأوّل للمعرض، اجتمع المُشاركون والزوّار في الصّالة الكبيرة وسط نادي بردو، وأحضر بعض الفنانين آلاتهم الموسيقية -مثل التشيلو والكمان والكلارينيت والكمبيوتر- وأعدّوا أغنيّةً لكلّ أسطورة تُشير إليها العجلة. وعلى مَن يرغب في رؤية كيف ستبدو شخصيّته أو شخصيّتها في شكل موسيقي الوقوف والتقدّم للأمام وإظهار الورقة التي اختارتها لهم عجلة الحظ.
أُقيم معرض “نو رايسينج” في بردو كلوب هاوس خلال الفترة مِن 28 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 2021.
عبد الدوبي
إسلام عبد السلام
فيليس دوس
إيزاك ريونج
جاكوب كارسبرج
جنة الدراجي
جوالان موهابيلوا
ليلى
نورا خورشيد
نور بيادي
رنا أشرف
رينا هاني
سال لام تورو
يزن الزعبي
زيزي إبراهيم