البلاستيك في فيلم

أثارت الأفلام التي تركِّز على التلوث البلاستيكي والمعروضة على منصة إيكوكينو، مناقشات بشأن سلوك المُستهلك وجشع الشركات وأهميَّة الحدّ مِن البلاستيك أُحادي الاستخدام.

بقلم/ روان الشيمي

في يوم صيفي حار في شهر يوليو، اجتمع ما يقرب من 30 شابًّا بمقر المبادرة الدنماركية المصرية للحوار (ديدي) لحضور العرض الخاص لفيلم “أكذوبة إعادة التدوير”، وهو فيلم وثائقي يكشف عن وقائع جهود إعادة التدوير العالمية التي تُبيِّن أنَّها أكثر فسادًا ممَّا تبدو عليه.

يُركِّز الفيلم على صناعةٍ تعمل لإخفاء عواقب مُشكلة البلاستيك بدلًا مِن حلِّها فعليًّا. ويعرض الفيلم كيف يتخلَّص سماسرة القمامة بشكلٍ غير قانوني مِن النفايات البلاستيكيَّة في الخارج، كما تظهر الصناعات التي تُجني الأموال جرَّاء حرق القمامة، وشبكات المافيا التي تُجني حاليًّا أموالًا طائلةً مِن تهريب القمامة، مثلما يحدُث في الاتجار بالبشر. يعرض الفيلم أيضًا كيف تتَّخذ بعض أكبر شركات السِّلع الاستهلاكيَّة العالميَّة مِن عمليَّات إعادة التدوير حجةً لمواصلة التلويث دون عواقب.

قالت آية فايز، الطَّالبة بكليَّة الإعلام بعد مُشاهدتها العرض الخاص: “اسم الفيلم الوثائقي “أكذوبة إعادة التدوير” أثار فضولي إنِّي أعرف إيه هي الأكذوبة دي. ماكنتش أتوقّع إن إعادة التدوير تكون صناعة لظاهرة الغسل الأخضر، مش مُجرّد حركة لدعم البيئة. ده غِش بشع، اللي شفته في الفيلم صدمني.”

بعد انتهاء العرض الخاص، عُقِدت حلقة نقاش بقيادة بانلاستيك مصر، واستضافت عبدالرحمن فهمي، مِن روَّاد الأعمال الخضراء والمُؤسِّس المُشارِك لمؤسسة “يو ثينك جرين” (youthinkgreen) بمصر، ونبيل الهادي، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة القاهرة.

قال عبدالرحمن فهمي: “أعتقد بأنَّ الفكرة كلها مِن وراء الفيلم والمناقشة هي السلوك الاستهلاكي، وده العامل الرئيسي وراء مشكلة النفايات وتحدِّياتها. في ناس عايشين على الأرض بمعدلات استهلاكية مُعتدلة ومحافظة جدًّا، وفيه ناس تانية استهلاكها جنوني. الاستهلاك هو العامل الرَّئيسي المحرِّك للمشاكل اللي بنعيشها، ودي النقطة اللي لازم نبدأ مِن عندها علشان نعمل التغيير.”

وأضاف: “أنا شايف إن الأفلام مِن أقوى وسائل التواصُل اللي بتزوِّد الوعي، لأنَّ فيه ناس كتير بتنجذب أكتر للتواصل البصري، وعلشان كده أنا مبسوط بمبادرة ديدي اللي باتمنَّى إنها ترفع الوعي بخصوص موضوعات كتيرة قبل مؤتمر المناخ COP27.”

كان العرض الخاص جزءًا مِن ماراثون الأفلام الوثائقية البيئية الذي أُقيم على مدار الصَّيف، حيث استضافت ديدي أسبوعيًّا عرضًا خاصًّا لواحدٍ مِن الأفلام الموجودة على منصة إيكوكينو للأفلام الوثائقية، كما دعت مُتحدِّثين ذوي صلةٍ بموضوع كل فيلم ليكونوا جزءًا مِن المناقشة.

ضمَّت قائمة المتحدِّثين، الذين أسهموا بوقتهم في مشاركة الشباب المُشاهدين للعروض الخاصَّة، أساتذة جامعات وباحثين وروَّاد أعمال ومهنيين عاملين بالمنظَّمات  البيئية؛ مثل: أحمد الضرغامي مسؤول التغيّر المناخي ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ويسرا عبدالعزيز منسِّق ملف البلاستيك بوزارة البيئة، ومؤمن أحمد راشد أخصائي المواصفات في الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، والأستاذة الدكتورة منى عبدالرحيم باحثة بقِسم مواد التغليف في المركز القومي للبحوث، ومحمد يونس باحث في وحدة العدالة البيئية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأخيرًا وليس آخرًا، الدكتورة ليلى إسكندر وزيرة الدولة السابقة لشؤون البيئة ورئيسة مجلس الإدارة وعضو مجلس الإدارة المؤسس لشركة (CID Consulting).

تعدّ المناقشات التي تُعقد عقب كل فيلمٍ جزءًا لا يتجزَّأ مِن العروض الخاصَّة، إذ تعمل على توضيح حقيقة الموضوعات المُعالجة في الأفلام، وتُساعد في الردِّ على التساؤل عمَّا يُمكن فعله لمُعالجة هذه المشكلة على أرض الواقع في مصر.

في أرجاء البلاد

وصلت منصة إيكوكينو إلى كل مكانٍ خلال الأشهر الستة الأولى مِن عملها، بَدءًا من عرضين خاصين في مجلس الشباب المصري بالقاهرة، وصولًا إلى أسوان، حيث استضافت منظمة صُنَّاع السلام عرضًا خاصًّا في مدرسة حكومية، ثم وصلت إلى العريش في شمال سيناء، حيث استضافت مؤسسة Tree Foundation ثلاثة عروض.

كما عُرِضت الأفلام أيضًا في مؤتمر المناخ COP27 المنعقد بشرم الشيخ وفي المؤتمر الوطني للشباب LCOY، إذ أُقيمت ستة عروضٍ في سفاجا والأقصر وأسوان والفيوم ومرسى مطروح والإسكندرية.

كما استضافت نوادي جرينش عرضًا خاصًّا في جامعة السويس بالإسماعيلية.

أظهر العرض العديد مِن الأفلام القصيرة المُتاحة على منصة إيكوكينو مباشرةً دون الحاجة إلى تقديم طلبات عرض، إلى جانب أحد الأفلام الروائية، وهو إيموتو “التغيير” من إنتاج منظمة Island Reach الذي عُرِض في مؤتمر المناخ COP26 في غلاسكو. يروي إيموتو قصص العديد مِن مُحدثي التغيير الذين يعيشون ويعملون في الخطوط الأماميَّة لارتفاع مُستويات سطح البحر وتغيّر المناخ.

اختتام المشهد بنجاح

بعد العروض الخاصَّة الناجحة في ديدي، وإقبال مزيدٍ مِن المُشاركين للتقدُّم بطلب الانضمام عبر رابط التسجيل، حتَّى فاق العدد ما تتَّسع له مساحة أماكن العروض، اختتمنا العام بعرض خاص في الإسكندرية، أُقيم بالتعاون مع بانلاستيك مصر واستضافته مؤسسة Ana Lindh.

كان فيلم “نحن فئران التجارب”، الذي يستعرض الآثار السلبية للبلاستيك على التكاثر والصحة، الفيلم المُفضَّل، إذ شاهده أكثر من 80 شخصًا رغم العاصفة المُمطرة في عروس البحر المتوسط في ذلك اليوم.

أدار المناقشة عبدالقادر الخليجي، المُؤسِّس المشارك لمؤسسة بانلاستيك، ودُعي كل مِن الدكتور أحمد عبدالقادر استشاري المشروعات البحثية المتعلقة بتقليل النفايات البلاستيكية، وهو يتمتَّع أيضًا بخلفيةٍ قويةٍ في التعامُل مع ملف البلاستيك، والدكتورة مي رمضان، طبيبة وباحثة في مجال الصحة العامة.

تحدَّثت آمال غُنيم، مدير مبيعات سابقة لإحدى الشركات الطِّبيَّة إلى ديدي بعد العرض الخاص وقالت: “الفيلم والمناقشة زوَّداني بمعلومات كتير جديدة، وحفِّزوني على المشاركة في فعاليات تانية زي دي، وأتمنى إني أكون جزء مِن صُنع التغيير. بنقرأ أحيانًا عن القضايا دي، لكن لمَّا بتشوف فيلم وثائقي معمول كويس زي ده، بيضيفلك كتير وبيزوِّد معرفتك. والفيلم حفِّزني إني أقرأ أكتر عن الموضوع ده، وألاقي أفلام أكتر بتناقش القضايا الخضراء علشان أوسَّع معرفتي.”

تُواصِل منصة إيكوكينو إتاحة الأفلام لأي منظَّمةٍ ترغب في عرضها. كما ستنظِّم ديدي جولة في تسع مدنٍ وبلدات مصرية لعرض الأفلام والمساعدة في وصولها إلى الجماهير.

أدارت المشروع، يسرا فودة، مسؤولة المشروعات بديدي.

اقرأ المزيد عن إيكوكينو.

يُمكنك قراءة المزيد عمَّا تُقدِّمه مبادرة ديدي:

استكشفْ إيكوكينو

تعزيز التَّعاوُن الدَّائري

الاكتساء باللون الأخضر