في مارس، حضر 13 من صناع الأفلام ومحترفي صناعتها المصريين مهرجان الأفلام العالمي كوبنهاغن الدولي للأفلام الوثائقية الذي يعرض 200 فيلم وثائقي جديد، ويعزز احتمالات التواصل الاحترافيّ.
بقلم/ إليزابيث فانغ يورجنسن
بقلم/ إليزابيث فانغ يورجنسن
ها نحن في قلب فيستربرو، تلك المقاطعة المزدحمة والنابضة بالحيوية بكوبنهاغن. تعُجُّ المقاهي الصغيرة بالناس الذين يستمتعون بطقسِ الربيع المبكِّر، بينما يتسابق مواطنو كوبنهاغن المشغولون على متن الدرَّاجات. ولكن ثمة شيئًا مختلفًا قليلاً في المشهد العادي للمدينة؛ إذ يجتمع أناسٌ من جميع أنحاء العالم لحضور مهرجان كوبنهاغن دوكس السنوي للأفلام- الذي يُعدُّ واحدًا من أكبر المهرجانات رفيعة المستوى للأفلام الوثائقيَّة في العالم.
من بين صُنّاع الأفلام المشاركين في مهرجان كوبنهاغن دوكس لهذا العام، يشترك 13 مصريًّا من صُناع الأفلام ومحترفي صناعتها. وخلال إقامتهم بالدنمارك الممتدة لأسبوع، حظوا بفرصة مشاهدة ما يزيد عن 200 فيلم وثائقي من جميع أنحاء العالم، إلى جانب حضور ندوات عن التمويل والتواصل والإنتاج المشترك.
عادةً في مهرجانات الأفلام، بتشوف قسم صغير كده مخصص للأفلام الوثائقية، لكن كوبنهاغن دوكس بيسلط الضوء كله على الأفلام الوثائقية بس. وده بيخلق جو فريد من نوعه لأن كل واحد هنا شغوف جدًّا بالنوع ده من الأفلام”
أحمد دياب، صانع أفلام مقيم بالقاهرة
صرحت مي زايد، المخرجة المقيمة بالإسكندرية والتي اشتهرت بفيلمها الوثائقي الطويل “عاش يا كابتن” من إنتاج عام 2020، الذي تدعمه ديدي ويُعرض الآن على منصة نتفليكس، بأن المشاركة في المهرجان ذات أهمية بالغة بالنسبة لعملها بسبب جانب التواصل أولاً. وتؤكد مي زايد: “إقامة الشراكات شيء صعب وبياخد وقت كبير، لكن بوجودي هنا اتعرفت على ناس جديدة ودي أول خطوة جديدة”.
تُعد مي زايد أيضًا مؤسِّسة شركة كليو التي تعمل على إنتاج أفلام تدعم النّساء وعروض سينمائية مؤثرة. في هذه العروض السينمائية، يستضيف المنظمون ورشة عمل بعد انتهاء عرض الفيلم، وتُعقد مناقشات حول موضوعات الفيلم مثل الأحلام والقوالب النمطية والهوية كما هو الحال في فيلم “عاش يا كابتن”.
توضح مي زايد، “بعد ما عرضت فيلم “عاش يا كابتن” في مهرجانات أفلام كتيرة، حسيت إني محتاجة أعرض الفيلم في المناطق محدودة الدخل في مصر لأن الناس هناك مش بيشوفوا أفلام وثائقية في العادي، علشان كده من خلال عرض الفيلم وورشة العمل اللي اتعملت بعده، قدرنا نخلق مساحة أخد فيها المشاركين فكرة عن صناعة الأفلام ولقوا فرصة للتواصل مع ناس تشبههم.”
بعد أن رأت مي زايد نجاح هذه الأنواع من العروض وأهميتها، تولدت بداخلها رغبة في مواصلة العمل على هذه العروض. وتستطرد: “في مهرجان كوبنهاجن دوكس باتمنى إني ألاقي ناس زيي شغوفة بالطريقة دي لعرض الأفلام الوثائقية. لما باجي المهرجان ده بيديني الفرصة أني أوصل إلى أكبر سوق في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية، وأتمنى أشوف أبواب جديدة بتتفتح لعروض تكون مؤثرة أوي”.
يقدم مهرجان كوبنهاغن دوكس أيضًا عدة برامج بالتوازي مع برنامج العروض السينمائية. أحد هذه البرامج هو منصة الصناعة CPH:FORUM (منتدى كوبنهاغن). هنا يعتلي المسرح كبارُ المنتجين والمخرجين المعتَرَف بهم من جميع أنحاء العالم لعرض مشاريع مختارة بعناية، وإلى جانب العروض التقديمية، يقدم منتدى كوبنهاغن إعدادًا للعروض واجتماعات فردية مصممة خصيصًا بين فرق التقديم وشركاء الإنتاج المشترك المحتملين والممولين والموزعين المعنيين.
يقول هيثم عبد الحميد، المنتج والمخرج وكاتب السيناريو، الذي يعمل حاليًا على فيلم طويل عن لاعبات كرة القدم: “أنا باشارك في المهرجان ده علشان أتواصل مع المحترفين في المجال ده. لكن حضور العروض كان تجربة كويسة فعلًا لأنها بتخليك تفكر في الطريقة اللي هاتعرض بيها فيلمك وإيه الأسئلة اللي ممكن تتسأل ليك”.
صرح أحمد دياب -مشيرًا إلى القيمة التي يضيفها منتدى كوبنهاغن للمشوار المهني لصانعي الأفلام- قائلاً: “في رأيي، مصر عندها إمكانيات كتيرة وفيها قصص كتيرة ماتحكتش، لكن في جزء في صناعة الأفلام متعلق بالعمل التجاري ومعرفة إزاي تعرض فكرتك وتبيعها وتجذب الناس ليها فتقدر أفكارك تعدي حدود مصر. علشان كده أعتقد إن التجربة دي مهمة جدًّا ليا كصانع أفلام.”
ويعلق أحمد دياب على الفرص الجديدة التي قدمها مهرجان كوبنهاغن دوكس له في ظل انشغاله بفكرة جديدة لفيلم عن وساطة الزواج في مصر والاستغلال التجاري للحب، قائلًا: “اتعلمت في المهرجان برامج مختلفة لتطوير الأفلام في ميونيخ وبيروت وبروكسل. وخطتي هي البدء على عمل إعلان تعريفي لفكرتي الجديدة علشان أقدر أقدم وأحصل على تلات برامج تساعدني في تطوير فكرتي بشكل أكبر وأنا متحمس جدًّا لمعرفة اللي هاوصل له.”
كانت تلك هي المرة الأولى لكلٍّ من هيثم عبد الحميد وأحمد دياب في الدنمارك. كان استمتاعهما بمهرجان الأفلام وأيضًا بالمدينة النابضة بالحياة دون القيود التي فرضتها جائحة كوفيد 19 جزءًا رئيسيًّا من إقامتهما. ويضيف أحمد دياب: “أعتقد إننا كنا محتاجين التجربة دي بالظبط بعد سنتين من القيود المفروضة على السفر. فالقدرة على السفر بحُرية ومقابلة المجموعات الكبيرة وجهًا لوجه فكّرني بامتناني إننا أخيرًا هنرجع لحياتنا الطبيعية.”
كما شعرت مي زايد بالاطمئنان للسفر أخيرًا مرة أخرى، واختتمت كلامها بابتسامة عريضة تعلو شفتيها قائلة: “كان المفروض أسافر كوبنهاغن في مارس 2020 علشان أنهي المزج الصوتي لفيلم “عاش يا كابتن”، وده ماحصلش. وجودي هنا بعد سنتين بالظبط حاجة مؤثرة جدًّا، يبدو إن الأمور عادت لمسارها الطبيعي أخيرًا. وده إحساس حلو”.
أدارت هذا المشروع دعاء فياض مسؤولة المشروعات