صارت الحاجة إلى الابتكار أكثر إلحاحًا بسبب جائحة “كوفيد-19″، لذا أطلق سفراء الحوار المعمل الإبداعي لتطوير برنامجهم بشكل أكبر.
كتب رازموس بوجيسكوف لارسن
إنّ إعادة التفكير في برنامجٍ ناجحٍ يعمل على مدار سنواتٍ عدّة هي تحدٍّ في حدّ ذاته، لكنّ فِعْل ذلك مِن خلال تطبيق “زووم” بينما يجلس الجميع منعزلين في منازلهم هو أمر أكثر صعوبة.
مع ذلك، كُلّما كان التحدّي أكبر زادت المُجازاة أكثر، ويبدو أنّ هذا هو الحال بالنسبة إلى سُفراء الحوار في مصر الذين أطلقوا معملًا إبداعيًّا يدفعهم إلى ابتكار أساليبهم، وأصبح المعمل لا يُعزّز الأنشطة الجديدة فحسب بل يُشجِّع الأفكار الجديدة حول كيفيّة إقامة ورش العمل ومكان حدوثها.
يقول إسلام صلاح، البالغ مِن العمر 27 عامًا، وهو أحد سُفراء الحوار مِن المنيا: “نحن نُسمِّيها ثمار جائحة ’كوفيد-19’، فقد تعلَّمنا ما يُمكن تحقيقه مِن خلال الاجتماعات عبر الإنترنت وكيفيّة العمل على نجاحها، وهذا يُمكن أن يكون مُفيدًا للغاية لنا في المستقبل”.
على مدار أكثر مِن عشر سنواتٍ، عمل برنامج سُفراء الحوار على تعزيز التعايُش السّلمي والحوار بين الثقافات بين الشّباب مِن الدول العربية والدنمارك وكذلك داخل كل دولة، ويُواجِه الشّباب تحدّيًا في البرنامج في تعريف آرائهم عن “الآخرين” مِن جديد وتعلُّم كيف يُمكن أن يكونوا قادرين أكثر على الحوار في حياتهم اليومية.
بدأ البرنامج الوطني في مصر عام 2012 ونجح في تخريج 170 سفيرًا مِن جميع أنحاء البلاد يستطيعون تسيير نحو 160 ورشة عمل كلّ عام، ويستند العمل إلى دليل أساليب الحوار وأدواته الذي أثبت نجاحه الكبير. ومع ذلك، بدأت ورش العمل بمرور الوقت تبدو روتينية للغاية.
تقول رنا جابر، السّفيرة السّابقة التي ترأس الآن البرنامج في المبادرة الدنماركية المصرية للحوار: “لقد تعوّدنا للغاية على الأساليب التي توقَّفنا عن تطويرها ولم نعُد نُقدّم أفكارًا جديدةً، لذا أردنا أن نتحدَّى أنفسَنا لنكشف عن إبداعنا ونجد مناهج جديدة.”
الرياضة العقليّة
قرّر السّفراء إنشاء برنامج داخلي يُسمَّى “المعمل الإبداعي”.
يشرح إسلام صلاح الأمر قائلًا: “شعرنا أنّ برنامجنا أصبح روتينيًّا للغاية ولم نتمكّن مِن اختبار أساليبنا في أثناء ورش العمل خاصّة أنّ ذلك يُمكن أن يُعرّضنا للفشل في خلق المناخ المناسب. مِن المُؤكّد أنّ الأمر سيكون حسّاسًا للغاية عندما تجمع أشخاصًا لا يعرفون بعضهم البعض وتجعلهم يُناقشون قضايا صعبة، لذا كُنّا بحاجةٍ إلى اختبار الأفكار بيننا أوّلًا”.
يرى إسلام صلاح أنّ المعمل الإبداعي مثل مُمارسة الرياضة العقليّة، فيستطرد قائلًا: “كنتُ أشعر حقًّا بأنّ عقلي يتمدّد في جميع الاتّجاهات، وأصبحت أكثر وعيًا بكيفيّة قيامنا بالاختيارات وما يُمكن أن يمنع أنفسنا مِن رؤية الإمكانيات الجديدة”.
كان الإجراء الرّقمي لورش العمل مِن خلال تطبيق “زووم” بمثابة تحدٍّ عقليّ في حدّ ذاته، لكنّه ساعَد المُشاركين أيضًا على إعادة التفكير في أساليبهم.
يُضيف إسلام صلاح: “عندما يتوجّب علينا أن نلتقي جسديًّا، يتطلّب هذا الكثير منّا لأنّه يتعيّن علينا السّفر مِن جميع أنحاء مصر للالتقاء في المكان نفسه، لكن إذا تمكّنّا مِن تحقيق أشياء عدّة مِن المنزل فإنّ ذلك يفتح لنا الكثير مِن الفرص الجديدة في المستقبل.”
حتى الآن، أثمر المعمل الإبداعي عن 15 طريقةً جديدةً تمامًا لتعزيز مهارات الحوار، ويُراجعها حاليًّا السّفراء ويُجرّبونها وستُدرج في النّسخة العربية القادمة مِن دليل الحوار.
رازموس بوجيسكوف لارسن، صحفي دنماركي مُتخصِّص في شؤون الشّرق الأوسط، وأقام في بيروت خلال الفترة مِن 2009 إلى 2011 ثمّ في القاهرة مِن 2011 إلى 2018.
يُمكنك معرفة المزيد عن المعمل الإبداعي في هذا الفيديو (باللغة العربية).
يُمكنك قراءة المزيد عن فعاليات سُفراء الحوار مِن هنا.