يجتمع المشاركون في بوابة ديدي الخضراء مرةً أخرى في القاهرة من أجل استكشاف الحرف التقليدية والمشاركة المجتمعية والارتقاء بالمؤسسات الاجتماعية.
بقلم/ روان الشيمي
بقلم/ روان الشيمي
تتجول مجموعة مكونة من ثلاثة وعشرين شخصًا مصريًّا ودنماركيًّا، معظمهم من النساء، في سوق الخيامية في حي القاهرة القديمة؛ حيث يتوجهون لزيارة ورشة “هاني فتاح”، وهو فنان حِرَفيٌّ من الجيل الثالث، يعمل في صناعة خياطة الخيام التقليدية، التي تعود إلى العصر الفرعوني.
تقول مصممة المنسوجات “جوزيفين إنيفولد”، التي يقع مقر عملها الرئيس في كوبنهاجن، وتعمل في أحيانٍ كثيرة بالأقمشة المنسوجة يدويًّا، والتي تتخلَّص منها بلدان الشمال وينتهي بها الحال في أسواق السلع المستَعمَلة: “حاجة حلوة أوي إني أقدر أشوف الحرفة دي عن قرب وازاي هاني بيبقى فرحان وهو بيشتغل في الحرفة دي وبيعرضها على الجمهور بفخر. حقيقي دي حاجة رائعة. فن صناعة الخيام هو أحسن طريقة نقدر نعيد بيها استخدام قطع صغيرة من القماش. والحقيقة أنه ممكن نحكي قصة واحنا بنعيد استخدام قطع القماش دي والفن التقليدي لصناعة الخيام”.
“جوزيفين إنيفولد” وبقية المجموعة يشاركون في ورشة العمل الدولية الثانية للجولة الثالثة من مشروع بوابة ديدي الخضراء، التي تجمع المصمِّمين ورجال الأعمال والطلاب والمهنيين العاملين في صناعة الأزياء المستدامة لاستكشاف المجال في كل بلدٍ معنيٍّ، حيث يتعلمون من بعضهم البعض وكذلك من خبراء الصناعة. وقد عُقدت ورشة العمل الدولية الأولى في الدنمارك في أغسطس.
لقد زار المشاركون في وقت سابق من اليوم مشروع مؤسسة “ألما” التابعة لبنك الكساء المصري، وقد صنَّعت المؤسسة قطعًا جديدة من بعض الملابس والأقمشة المُتبرَّع بها، التي من غير الممكن إعادة توزيعها بحالتها الأصلية مباشرةً. أخذ الزميل المشارك والمدير الإبداعي لمؤسسة “ألما”، يسري عبد القادر، المشاركين في جولة في مؤسسة “ألما”، ثم تجمع كل المشاركين معًا وحاولوا صُنع قطع خيامية بأنفسهم. إن الجمع بين تجربة هذه الحرفة بأنفسهم، ثم استكشاف تاريخها في سياقه الطبيعي منحهم فهمًا أعمق لإمكانياتها.
أحد الجوانب المهمة لبرنامج بوابة ديدي الخضراء هو منح متَّسَعٍ من الوقت للمشاركين للحوار والتعارف والتواصل مع بعضهم البعض؛ إذ يُعد التعلُّم بين الأقران ركيزةً قيّمةً في مخطط البرنامج.
تقول “بسنت مكسيموس”، مصمِّمة وصانعة محتوى مقيمة بالقاهرة، تولي اهتمامها للملابس المستعملة والموضة المستدامة: “في رأيي، بوابة ديدي الخضراء عاملة زي الجسر اللي بيساعدك عشان تتعرف على ناس موجودين على الناحية التانية زيك بالظبط، ليهم اهتمامات زي اهتماماتك”.
بينما ترى المصممة “سالي بيير جارد” أن البقاء على تواصل مع المجموعة التي تعرفت عليها عبر بوابة ديدي الخضراء أمرٌ مهمٌّ للغاية، إذ تقول: “إحنا بنقضي وقت وبنتكلم مع بعض عن التحديات والنجاحات اللي بنقابلها في أثناء ما بنمارس الحرفة بشكل عملي وده بيشجعنا وبيلهمنا كمان. والموضوع كمان بيتعلق بخلق مجتمع نقدر نشتغل معاه في المستقبل”.
قضى المشاركون الوقت المتبقي من ورشة العمل في زيارة ورش العمل المختلفة، مثل “باتون آب”، وهي مؤسسة اجتماعية تعمل مع النساء والشباب المعوزين لإنتاج منتجات للسوق العام، ولكن أيضًا تعمل مع المؤسسات التجارية، وتمكن المشاركون من تجربة الآلات وتقنياتها المختلفة.
علاوة على ذلك، خلال ورشة العمل، زار المشاركون “الموضة الخضراء” في محافظة المنوفية في دلتا مصر، وهي مؤسسة أسستها هدير شلبي، إحدى المشاركين في بوابة ديدي الخضراء. ووفَّرت هذه المؤسسة 200 فرصة عمل للنساء في قرية ريفية لتصنيع قطع فريدة باستخدام مواد النفايات التي تحصل عليها من المصانع القريبة.
تمكَّن المشاركون، بعد جولة في ورشة العمل، والتقاط صور طريفة، من تجربة قِطَعِهم المفضَّلة في صالة العرض، كما تمكنوا من صنع حقائبهم الخاصة باستخدام نفس التقنيات، التي تستخدم الموضة الخضراء يوميًّا. واختُتِم اليوم بتناول وجبة غداء تقليدية في مزرعة عائلة هدير، حيث سنحت الفرصة للمشاركين ليس فقط لتذوق الطعام الريفي اللذيذ، ولكن أيضًا للحصول على لمحة عن الحياة في القرى المصرية.
تقول “جوزيفين إنيفولد”: “ورشة العمل في مصر كانت أكتر ورشة عملية جربتها. كل مكان زُرناه في الورشة كان الناس هناك بيشتغلوا بإيديهم. على عكس الدنمارك، الناس هناك بتعتمد أكتر على التكنولوجيا، في الحقيقة إحنا بنحتاج الجانبين في التصميم. لكن بالنسبالي كان الأمر أكتر من رائع إني أقدر أشوف الناس في مصر، وهما لسه على تواصل مع المواد المختلفة، لكن في الدنمارك، الناس هناك بيستعينوا بمصادر خارجية”.
كانت هذه الزيارات مهمة لبسنت مكسيموس، إذ ألهمتها للتفكير في توسيع نطاق أعمالها. تقول بسنت: “لما الواحد بيشوف كل الشباب الناجحين دول وهما بيبدؤوا مشاريع اجتماعية، بيكون مجال التبادل التجاري بين الشركات مبهر أوي للعمل فيه، ولما يكون في مجموعة بتشتغل على نفس الهدف وعايزين يحققوه بجد، بيتحقق في النهاية بمرور الوقت والشغل الجاد. وكمان من الحاجات الرائعة أوي إني أعرف إن الأشخاص دول بيشاركوني نفس القيم اللي بأؤمن بيها. فالموضوع مش بس بيتعلق بافتتاح أعمال تجارية ضخمة، ولكن بيتعلق برضو بإننا نراعي البيئة والمجتمع”.
بهذا، اختُتِمت بوابة ديدي الخضراء 2023؛ إذ استوحى المشاركون الإلهام من تركيز الشركات والمؤسسات المختلفة التي زارت مصر، على المجتمعات المحلية فيما يفعلونه، وكيف يمكن أن تضطلع الموضة البطيئة والقطع المصنوعة يدويًّا ليس فقط بتأثيرٍ بيئيٍّ، بل بتأثير اقتصادي واجتماعي أيضًا.
أدار هذا المشروع مديرة برنامج الاستدامة “رنا خميس”، ومسؤولة المشروع “يسرا فودة”، والمستشارة “سونيا كاتارينا زيبيليوس”.