هل ما زالت المبادئ القديمة التي تتبنّاها مدارس الثانوية العامّة في الدنمارك ملائمةً في عام 2021؟ هل يُمكن إنشاء مثل هذه المدارس في مصر اليوم؟ كيف يُمكن أن تحتاج هذه المدارس إلى التكيُّف مع المجتمع المصري؟ كانت هذه بعض الأسئلة المطروحة في نقاش أحد اللقاءات الأخيرة لنادي خرّيجي ديدي.
وجرى تعريف المُشاركين بتاريخ المدارس الثانوية العامّة والأفكار الكامنة وراء التعلُّم مدى الحياة، واستمعوا أيضًا إلى القصّة الشّخصيّة لإيزابل بيروم مولر، المُتدرّبة حاليًّا في مجال الاتّصالات في ديدي، بشأن تجربتها في مدرسة ثانوية عامة.
أثارت الجلسة الكثير مِن اهتمام المُشاركين الذين يعملون جميعًا في مجال التعليم المدني وتعليم الكبار والتعلُّم مدى الحياة.
تحدّثت زيلو سامي، المُتطوّعة مع مبادرة التعايُش السّلمي في الأقصر وخرّيجة برنامج سفراء الحوار التّابع إلى ديدي، بعدما أتت كُلّ هذه المسافة مِن الأقصر للمُشاركة في نادي الخرّيجين، قائلة: “تُعجبني حقًّا فكرة أن يكون الطّلاب أنفسهم مسؤولين عن المدرسة ويعيشون فيها ويُنظّفونها ويطهون طعامهم بأنفسِهم لأنّهم لن يتركوا المدرسة وبحوزتهم المهارات والمعرفة فحسب بل القيم الصّالحة أيضًا.”
كان رأي العديد مِن المُشاركين هو أنّ المبادئ الدنماركيّة يُمكن أن تكون مفيدةً للغاية في مصر، لكن يجب تعديل هيكل المدرسة ليُلائم المجتمع المصري. فمِن النّاحية الماديّة والاجتماعيّة سيكون مِن الصّعب على الكثير مِن المصريين الالتحاق بمدرسة ثانوية عامّة مِن النّوع الدنماركي.
قالت بسمة المراكبي، وهي سفيرة أخرى للحوار: “كنتُ أُفكّر طوال الجلسة كيف يُمكننا عمل شيء مشابه هنا في مصر، وكيف يمكن أن تدعمنا ديدي في ذلك؟”.
واقترحت إقامة نوعٍ مِن المعسكرات بحيث تكون أقصر في المُدّة وأقلّ في التّكلفة على الطّلاب، وفسّرت ذلك قائلة: “يُمكننا عمل مُخيَّم لمدّة أسبوعين في مكانٍ ما في الصّحراء بعيدًا عن كلّ شيء، ويُمكن أن يُديره سفراء الحوار ويكون عبارة عن دورةٍ مُكثّفةٍ عن تعلُّم ثقافة الحوار وتسوية الخلافات في المجتمع”.
دار أحد الاجتماعات الأخيرة لنادي الخرّيجين في ديدي حول إدارة المشروعات التي تُراعي الفروق بين الجنسين، وتضمّنت جلسة تدريبية أدارتها دعاء عبد العال مِن مُؤسّسة “المُلتقى للتنمية” عن المناهج الخاصّة بالنّوع الاجتماعي في إدارة المشروعات وكيفيّة أداء العمل المجتمعي مع مراعاة الديناميكيّات والمعايير النّوعيّة.
وترى آية جمال، وهي إحدى الخرّيجات، أنّه مِن الممكن تطبيق ذلك مباشرةً في عملها، على ألّا يكون الهدف هو زيادة عدد النساء في فريقها.
وتقول آية: “أعمل في منصب مدير موقع في إحدى شركات البترول، وأعلم أنّي مُتحيّزة بعض الشّيء، فأنا تقريبًا لا أوظّف إلا النّساء، وتوجد أسبابٌ مُحدّدةٌ لذلك تتمثّل في أنّ النّساء يَظْلِلنَ في منصبِهنّ لفترةٍ أطول، بينما يميل الرّجال إلى ترك مناصبهم بسرعةٍ والبحث عن عملٍ آخر. لقد حاولنا تحليل أسباب ذلك لكن لم نتعمَّق فيه بشدّة”.
وقد ساعدت الجلسة آية على التّفكير في طُرقٍ جديدةٍ لتحليل هذه المسألة، وأوضحت: “أعتقد بأنني الآن أكثر استعدادًا للعمل على إيجاد طُرقٍ للتعامُل مع ذلك حتّى أتمكّن مِن توظيف المزيد من الرّجال”.
وبالمثل، وجد محمود عسل، الذي يعمل مُدرّبًا مع الحكومة، أنّه يستطيع تطبيق المعرفة، قائلًا: “أحتاج إلى أن أكون أفضل في إيجاد أرضيةٍ مشتركةٍ يُمكنني البَدء منها، لأنني إذا بدأت مِن نقطة اختلاف، ستظهر فجوةٌ بيننا منذ البداية.”
كان محمود عسل قد شارَك قبلًا في مشروعٍ نوعيّ مع ديدي وهو سعيد لأنّ علاقته مع المبادرة لم تنتهِ عند هذا الحد، وقد أضاف: “أُحبّ أن آتي إلى هنا لمُناقشة آراء الآخرين وسماعها، وديدي دائمًا ما تُوفّر مساحة كبيرة لهذا، وهو شيءٌ يصعب العثور عليه في أي مكانٍ آخر”.
يُعدّ نادي خرّيجي ديدي شبكة تربُط أولئك الذين تخرّجوا في مشروعات ديدي المُتنوّعة، ويهدف نادي الخرّيجين إلى إرشاد خرّيجي ديدي إلى مجموعةٍ مِن الفُرص والخبرات والمعرفة الجديدة.
وتشرح منن فرج، إحدى المسؤولات المُخضرمات عن المشاريع في ديدي: “إنّ الهدف مِن النادي هو استثمار مشروعات ديدي الناجحة مِن خلال الحفاظ على حشد الخرّيجين ومشاركتهم وارتباطهم مع ديدي والثّقافة الدنماركية، كما أنّ نادي خرّيجي ديدي يُواصِل ويُوسّع نطاق وصول ديدي إلى مئات الشّباب والشّابات مِن جميع المحافظات المصرية ويربطهم في شبكةٍ ديناميكيّةٍ واحدةٍ وغنيّة”.
كما يُزوِّد نادي خرّيجي ديدي الخرّيجين بفرصٍ تعليميّةٍ فريدةٍ تُركّز على ثلاثة موضوعات رئيسيّة، وهي: النّوع، والاستدامة، والتعليم الترفيهي. ويُقدِّم جلسات معرفة للخرّيجين ومُحادثات مُلهمة وفرصًا للتّواصُل والتجمّعات والمناسبات الاجتماعيّة وقنوات التعلُّم بين الزّملاء ويعرض لهم الأنشطة ذات الصّلة في الدنمارك.
وأضافت منن فرج: “تفتقر مصر لمنصّات التعلُّم المفتوح التي تُوفّر مساحةً للتعلّم بين الأقران والتبادُل الثقافي، وهو ما يُوفّره نادي الخرّيجين”.
تُطلِق ديدي سلسلة شهر أكتوبر من اجتماعات نادي الخرّيجين غدًا، وتشمل السلسلة أربعة لقاءات في مقر ديدي في القاهرة كلّ يوم ثلاثاء. بدأ نادي الخرّيجين هذا العام لكن مُعظم الأنشطة قد أُرجِئ بسبب الجائحة، ومِن المُخطّط الآن أن تُقام أربعة أنشطةٍ كلّ ثلاثة أشهر.
يُمكنك قراءة المزيد عن: