النّور والشّفاء والحُب

وقع الاختيار على الفيلم الوثائقي «نور على نور» (Light Upon Light) ليلحق بالعرض الأوّل في مهرجان كوبنهاغن الدولي للأفلام الوثائقية «كوبنهاغن دوكس» لعام 2022، والذي يعدّ واحدًا مِن أشهر المهرجانات رفيعة المستوى. دعمت مبادرة «ديدي» الفيلم الذي يستكشف الرغبة البشريّة في النّور والشّفاء والحبّ في وقتٍ تسود فيه الظّلمة.

بقلم/ إليزابيث فانج جورجنسن

«بدل ما تركّز على كل الضّلمة اللي في العالم، بُص على النور.» كانت هذه الكلمات هي النّصيحة التي أسداها صديق مصري إلى المخرج السينمائي الدنماركي كريستيان سوهر ذات ليلةٍ عام 2014 بالقاهرة. كان كريستيان سوهر يتحدّث مع صديقه عن الأهوال التي تسود وسائل الإعلام وتُسيطر عليها، وفي الوقت نفسه كان يُجري بحثًا عن العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في أوروبا وعمليات التطرّف ومشكلات الاندماج.

قرّر كريستيان سوهر أن يأخذ بنصيحة صديقه وانطلق في رحلةٍ أخذته من مدينة آرهوس الدنماركية إلى مصر ثمّ عاد إلى آرهوس. والآن بعد مضي ثمانية أعوام، يُقام العرض الأوّل لفيلمه الوثائقي «نور على نور» في واحدٍ من أشهر مهرجانات الأفلام الوثائقية حول العالم، وهو مهرجان كوبنهاجن الدولي للأفلام الوثائقية «كوبنهاغن دوكس»، في 24 مارس.

قدّمت «ديدي» الدّعم للإنتاج، ولذا دعوْنا كريستيان سوهر وطاقم الإنتاج لإفطار مصري تقليدي للحديث عن «نور على نور» والعرض الأول القادم.

الاحتفالات في حميثرة

على المائدة إلى جانب كريستيان سوهر، جلس كُلّ مِن المصوّرة السينمائية أميرة مرتضى المونتير محمد مصطفى وهالة لطفي المُنتجة للفيلم مِن خلال شركة حصالة للإنتاج السينمائي بالقاهرة.

يقول كريستيان سوهر: «الفيلم بيتكلّم عن رغبة البشر في إنّهم يشوفوا النور والشفاء والحبّ، وهو بيوثّق عملية انتهت بتعاون جميل مع أميرة ومحمد وهالة».

خلال صناعة هذا الفيلم الوثائقي، انشغل كريستيان سوهر وفريقه الإنتاجي شخصيًّا بهذا الفيلم وظهروا فيه. يُوثّق الفيلم رحلتهم في أنحاء العاصمة المصرية على امتداد النيل ثمّ إلى قلب الصحراء، إنّها رحلة بحث عن أجوبة؛ ما هو النّور؟ وما هو دوره؟ كيف يتوفّر هذا القدر الكبير مِن الظّلمة والنور في العالم وفي داخل أنفسنا؟ ما أهمية ذلك النور الذي يختبره الناس في غمرة الشعائر وفي حياتهم اليوميّة وفي أحلامهم؟

عبّر المُحرِّر محمد مصطفى، عن شعوره حيال دوره المزدوج قائلًا: «مِن الصعب بجد إنك تقعد في أوضة علشان تمنتج الفيلم وتحاول تاخد القرارات الصح، لمّا بصينا على بعض المواد الأوّليّة للفيلم في 2022، اكتشفت إنّي مش دايمًا ممكن يكون عندي نفس الآراء اللي قلتها في 2019.»

جرى تصوير الفيلم الوثائقي بين الدنمارك ومصر. في أثناء وجود كريستيان سوهر في مصر، سافر إلى وادي حميثرة الذي يقع في عُمق الصحراء الجنوبية الشرقية لحضور العيد السنوي للاحتفال بمولد أبو الحسن الشاذلي، مؤسّس الطريقة الشاذلية الصوفية، إذ يتوافد مئات الآلاف على المولد للتعبير عن حبّهم للشيخ مِن خلال الصلوات والأغاني والشعائر.

المُطلعون والدّخلاء

في العمل السابق لكريستيان سوهر، يستكشف كيف يتعامَل الناس مع الأرواح الخفيّة والأمراض النفسيّة والقوى الشيطانية والإلهية، وكيف يمكن توظيف الفيلم للتعامل مع الأبعاد الخفيّة لحياة البشر. وقد استكشف تلك الموضوعات خلال مشروعات العمل الميداني في مصر وبابوا غينيا الجديدة والدنمارك، وهو أيضًا أستاذ مساعد ومنسّق ماجستير العين والعقل مسار الأنثروبولوجيا البصرية في جامعة آرهوس بالدنمارك.

علت ضحكات الجميع عقب كلام كريستيان سوهر بينما كانوا يتناولون أطباق الفول والفلافل، خاصّةً عندما قال: «التعاون القريب مع محمد وأميرة وهالة كان مهم أوي لإنّك لما بتيجي تصور حياة الآخرين في فيلم وثائقي، مِن السهل أوي إنّك تقع في أفكار ومفاهيم وقوالب نمطيّة معيّنة، وهحس إنّي مش قادر أهرب من حقيقة إني خواجة».

ثمّ استأنف كريستيان سوهر كلامه: «لكن الشغل مع محمد وأميرة وهالة معناه إني اتعرّضت لضغط وتحدّي. الفيلم اتعمل من خلال تقريب وجهات نظرنا المختلفة. وفي النهاية إحنا الأربعة عارفين أسرار المهنة وغرباء عنها في نفس الوقت، ودي ديناميكية مهمة أوي.»

وأضاف سوهر: «إحنا مابنشوفش النوع ده مِن التعاون عادةً في الأفلام الوثائقية الدنماركية،» موضّحًا أن الإنتاجات المشتركة بين مصر وأوروبا عادةً ما تكون بالتعاون بين مخرج مصري ومنتج أوروبي، لكن يندر أن يحدُث العكس.

إثارة ضجّة كبيرة

شارفت أكواب القهوة على الانتهاء على المائدة بينما كان الفريق يُناقش العرض الأول القادم في مهرجان «كوبنهاغن دوكس». وقالت هالة لطفي، منتجة الفيلم، بابتسامة تعلو شفتَيْها: «إحنا عايزين أكبر جمهور ممكن يشوف الفيلم ده، وعايزينه يثير ضجة كبيرة»، وأومأ الجميع برؤوسهم موافقة على ما قالته.

سيحضر كُلٌّ من هالة لطفي وأميرة مرتضى ومحمد مصطفى العرض الأول برفقة كريستيان سوهر في مهرجان «كوبنهاغن دوكس» في 24 مارس المُقام في سينما «سينماتيكيت» بكوبنهاغن. يُعرض «نور على نور» أربع مراتٍ خلال المهرجان.

كريستيان سوهر مُخرج وأستاذ مُساعد ومُنسِّق ماجستير العين والعقل مسار الأنثروبولوجيا البصرية في جامعة آرهوس. يستكشف عمل سوهر كيفيّة تعامُل البشر مع الأرواح الخفيّة والأمراض النّفسيّة والقوى الإلهيّة والشيطانيّة وكيفيّة استخدام الفيلم لتناوُل الأبعاد الخفيّة للحياة الإنسانية. ولقد استكشف هذه الموضوعات في أثناء مشاريع العمل الميداني في مصر وبابوا غينيا الجديدة والدنمارك.

هالة لطفي مخرجة ومنتجة مصريّة. درست الإخراج في مدرسة السينما بالقاهرة وعملت مع قناة «الجزيرة الوثائقيّة». في عام 2007، بدأت في إنتاج فيلمها الطويل الأول «الخروج للنهار» الذي تلقّت عنه جائزة مؤسسة كاترين كارتليدج، التي تُمنَح للأصوات السينمائية الجديدة. في عام 2011، أسّست مجموعة الإنتاج «أفلام حصّالة» لدعم الفنانين الشباب.

محمد مصطفى مُخرج مقيم في القاهرة. منذ عام 2011 اتّبع نهجًا متعدّد التخصّصات تجاه الإخراج، فعمل مخرجًا وسيناريست ومونتير ومساعد مخرج ومنتجًا للعديد من الأفلام القصيرة والطويلة والوثائقية.  وفي عام 2015، قام بإعداد الفيلم الوثائقي «تشكيل» الذي يرصد الواقع وهو إنتاجٌ مشتركٌ بين «سيماتك» (مركز الفيلم البديل بالقاهرة) مع «أتيليه فاران» (Ateliers Varan). فاز فيلمه الروائي الوثائقي الطّويل «الرجال لا يبكون» الذي يجرى إعداده حاليًّا، بجائزة فيلم روبرت بوش ستيفتونج عام 2020.

أميرة مرتضى بيومي مُصوّرة صحفية مصرية تقيم في الإسكندرية. عملت في التصوير الصّحفي من عام 2010 إلى عام 2019 في جريدة «الشروق» اليوميّة. ودرست السّرد القصصي في جامعة هانوفر في 2017، وحصلت عام 2018 على دبلومة التصوير الفوتوغرافي مِن الكُلّية الدنماركية للإعلام والصّحافة في الدنمارك، وتلقّت أيضًا فترة تدريب في وكالة الأنباء الألمانية في برلين وأسهمت في معرض «نساء الحرية» في آرهوس في الدنمارك.

يُمكنك قراءة المزيد من (ديدي):

تعرَّف على صنّاع الفيلم

التركيز على الإنتاج المشترك

عرض الخبرات

أدار المشروع دعاء فياض ومروة سعودي، مسؤولتا المشروعات بمبادرة «ديدي».