دورة مُتقدِّمة برعاية “ديدي” تجمع مُنسِّقات الأغاني الدنماركيات والمصريات معًا
بقلم/ مارثا توده
ما هي تقنية تكرار المقاطع (لوب “الدي جي”)؟ كيف أُشير لنفسي تجاريًّا باعتباري مُنسِّقة أغاني “الدي جي”؟ كيف أستعدّ للحفلات وأتفاوَض بشأن رسوم الحجز؟
كانت هذه هي موضوعات الدورة المُتقدِّمة الثانية في القاهرة التي تُنظّمها “أصوات نساء المستقبل” برعاية المبادرة الدنماركية المصرية للحوار (ديدي)، والتي تهدف لتقابل مُنسِّقات الأغاني “الدي جي” الدنماركيات والمصريات معًا.
بدأ المشروع في الخريف الماضي عندما تعاونَت “تيا كورب” مِن مُنظّمة “أصوات نساء المستقبل“، وهي وكالة حجز نسائية مقرّها كوبنهاغن، مع “زينة” مُنسِّقة الأغاني المصرية والمنتجة ومؤسّسة حفلات “آنفاميليار“، لتقديم ورشة عمل للمبتدئات عن تنسيق الموسيقى “الدي جي” لمدة ثلاثة أيامٍ في القاهرة. والتقيت المُشاركات مرّة أخرى في أبريل لحضور دورة ثانية أكثر تقدُّمًا، وفي هذه المرة انضمّت إليهنّ زميلاتهنّ الدنماركيات عبر تطبيق “زووم”.
يُشجِّع المشروع مُنسِّقات الأغاني الدنماركيات والمصريات اللاتي يتمتّعن بمستويات خبرة مختلفة على التلاقي والتعلُّم من بعضهنّ البعض. والهدف الأساسي هو تبادُل الأفكار واستكشاف المُشاكل التي تُواجهها مُنسِّقات الأغاني مِن اللحظة التي تُقرِّر فيها احتراف مهنة تنسيق الأغاني إلى الكفاح مِن أجل الحصول على فُرصٍ متساويةٍ على جهاز “الدي جي”.
عالم الرجال
تقول مريم عفيفي البالغة من العمر 26 عامًا، التي بدأت احتراف “الدي جي” منذ نحو ست سنوات: “بدأت ألعب على جهاز “الدي جي” عندما افتتح صديقي الاستوديو الخاص به في المعادي، واعتدتُ أن أذهب كلّ يومٍ بعد العمل لدمج الأغاني على مدار ست ساعاتٍ مُتّصلة دون مساعدةٍ مِن أحدٍ، ودون أن يستمع أحد للأغاني، لكني اعتدتُ فقط الذهاب إلى الاستوديو ودمج الأغاني بمفردي تمامًا.”
نشأت مريم عفيفي في عائلةٍ مِن عُشَّاق الموسيقى، وكانت الموسيقى تجري دائمًا في دمها، وعرفت أن “الدي جي” هو هوايتها منذ أن بدأت الاستماع إلى الموسيقى الإلكترونية. ومع ذلك، فإنّ الفُرص المُتاحة للنساء لأخذ دروسٍ حتّى يتعلَّمْنَ “الدي جي” في القاهرة نادرة، لذلك عندما رأت مريم إعلان ورشة العمل الأولى للمُبتدئات التي تُنظّمها “أصوات نساء المستقبل” في القاهرة، قرّرت على الفور أن تتقدَّم لها.
تُضيف مريم قائلة: “في الاستوديو الذي اعتدتُ الذهاب إليه، لم تكُن هناك فتيات على الإطلاق. كنتُ حرفيًّا وحدي مع مجموعةٍ مِن الرّجال، لذلك كان مِن الرّائع حقًّا أن أرى شخصًا ما يعمل بالفعل على تدريب مُنسِّقات “الدي جي” في مصر وتحديدًا لأنّ المشهد هنا ليس مُرحّبًا به حقًّا.”
وجَدَت ندى شردي البالغة من العمر 24 عامًا، نفسها المرأة الوحيدة في عالمٍ مِن الرّجال عندما بدأت اللعب على “الدي جي” لأول مرّة عام 2016.
تقول ندى: “بدأتُ ألعب على “الدي جي” عندما ذهبتُ للدّراسة في مدينة نيويورك، وفي حرم الجامعة، كان الكثيرون يلعبون على “الدي جي”. وفي كلّ مرةٍ كنّا نذهب إلى حفل، كان يوجد مُنسِّق أغانٍ مختلف، لكنهم كانوا جميعًا رجالًا، فبدأتُ أقول لنفسي إنّ “الدي جي” مُمتع وإنني أرغب في تجربته، لكنني كُلّما كنت أطلُب مِن أحد الرّجال المُساعدة أو التوجيه كانوا لا يأخذون كلامي على محمل الجد”.
كان اقتصار لعب “الدي جي” على الرّجال بالنسبة إلى ندى مُجرّد سببٍ إضافيٍّ للسعي لتعلُّمه، ولجأت ندى إلى موقع “اليوتيوب” وشاهدت فيديوهات تعليمية واشترت مُعدّات “الدي جي” رخيصة مِن موقع “أمازون”، وحمَّلت برنامجًا موسيقيًّا مجانيًّا، وبدأت في تعليم نفسها كيفيّة اللعب على “الدي جي”. وبدأت بعد فترةٍ في تحميل أغانيها المُدمجة على موقع “ساوند كلاود” ليستمتع بها أصدقاؤها وعائلتها.
تُضيف ندى: “كنت قد عدتُ لتوّي إلى القاهرة مِن الولايات المتحدة الأمريكية عندما رأيتُ بمحض الصّدفة دعوة لورشة عمل “أصوات نساء المستقبل” في القاهرة. وبصراحةٍ، لم أكُن أعلم الكثير عن المَشهد الموسيقي في القاهرة في ذلك الوقت، لكنني لم أسمع بأي مُنسِّقة أغانٍ حالها شبيه بحالي، لذلك كنت مُتحمسةً للغاية عندما رأيت أنّ مثل هذه الورشة لتعليم “الدي جي” متوفّرة حقًّا للأناث فقط!”.
شبكة دنماركية مصرية
تُكافح مُنسِّقات الأغاني في جميع أنحاء العالم مِن أجل الحصول على عدد الحجوزات نفسه والأجور عينها والشّهرة ذاتها مثل زملائهنَّ الرجال. ولذلك، وجود شبكة لزمالة مُنسِّقات “الدي جي” يُمكن أن يُغيّر قواعد اللعبة، خاصّة في المراحل الأولى عند مُحاولتهنّ أن يكنّ معروفات ويدخلنّ المشهد.
كما تقول تيا كورب في لقاءٍ آخر مع “ديدي”: “يوجد فَرق حقيقي إذا كنتِ امرأة واحدة تُحاول الحصول على حجوزات بمفردها، عمّا إذا كُنتُنّ مجموعة مِن 40 امرأةً تدعم بعضهنّ البعض. ويمكن أن يحدُث الكثير عندما تدعم مُنسِّقات الأغاني بعضهنّ البعض”.
تتحرّك مُنظّمة “أصوات نساء المستقبل” في مُهمّةٍ طموحةٍ لإنشاء مجتمع محلي وعالمي لمُنسِّقات الأغاني. وإلى جانب الترويج للفنانات الإناث، تُنظِّم وكالة الحجز أيضًا برامج مُتخصّصة في “الدي جي” وورش عمل ودروسًا ولقاءات شبكيّة في الدنمارك وخارجها.
تقول سافان محمد أمين، إحدى مُنسِّقات الأغاني المشاركات في ورشة العمل: “عندما سمعت عن منظّمة “أصوات نساء المستقبل” قبل بضع سنوات، علمت أنّها تضمّ مُجتمعًا وشبكةً مِن مُنسِّقات الأغاني، وأنّ لديها أيضًا منتدى عبر الإنترنت يُمكنني أن أطرح فيه كلّ أسئلتي المُبتدئة المتوتّرة دون الشّعور بالحرج، وهو أمر أُقدِّره كثيرًا. لقد ساعدتني المُنظّمة على أن أشعر بالقوّة والقدرة على التواصُل مع زميلاتي مِن مُنسِّقات الأغاني”.
بدأت سافان، المعروفة أيضًا باسم “دي جي لوف كات”، في اللعب على “الدي جي” منذ نحو ثلاث سنواتٍ عندما شجَّعها أحد أصدقائها دافعًا إيّاها بلُطفٍ وإرشادٍ إلى البّدء، وقد لعبت موسيقى الفانك الناعمة والإليكترونيكا والهاوس ونغمات الديسكو في العديد مِن المُناسبات والمهرجانات في الدنمارك مثل: تيك فيستيفال، وسايلنت ديسكو، ونوريبرو برايد، ويونيون، وكالتشر بوكس. ويُمكنك اليوم أن تطلبها للمُشاركة في الحفلات والأحداث المُختلفة والعمل معها مِن خلال منظّمة “أصوات نساء المستقبل”.
تُضيف سافان: “مِن الأمور التي أحببتها في ورشة “أصوات نساء المستقبل” بالقاهرة أنني حصلت على فرصة التقابُل رقميًّا ومشاركة المعرفة مع مُنسِّقات الأغاني مِن القاهرة. فمِن الرائع الاستماع ورؤية الأشخاص الذين يُحبّون لعب “الدي جي” مِن حول العالم، ويُمكنني تعلُّم الكثير منهم، ومِن المهمّ للغاية مقابلة مُنسِّقات أغانٍ مثلي ومُشاهدتهنّ. لا أستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على أهميّة هذا التمثيل، فقد تمنّيت لو كنت رأيت هذا عندما كنت أصغر سنًّا”.
يتّضح أيضًا مِن خلال الحديث مع لاعبات “الدي جي” المصريات أنّ أكبر انطباع تركته ورشة العمل عليهنّ لم يكُن تحسين المهارات التقنية ولا المعرفة المُكتسبة حديثًا حول التسويق الشّخصي لأنفسهنّ، بل تقول ندى: “إنّ الشّيء المُفضَّل بالنسبة إليّ في ورشة العمل هو التواصُل بالتأكيد.” وتُضيف مريم: “كان أفضل شيء في ورش العمل هو مقابلة كلّ هؤلاء الفتيات مِن خلفيّات مُختلفة والتعرُّف على أسباب اهتمامهنّ بالموسيقى ودمج الأغاني وأي أنواع الموسيقى التي يحبِبْنَها”.
منذ انطلاق ورشة عمل “أصوات نساء المستقبل” الأولى في القاهرة، بدأت الكثير مِن مُنسِّقات الأغاني المصريات المُشاركات في اكتساب أولى خبراتهنّ المهنية. ولعبت ندى، المعروفة باسم “نِدز”، عدة مرّات في نوادي “تاب” في القاهرة، ويُمكنك هذا الأربعاء أن تُجرِّب الاستماع إليها بالتعاون مع “دي جي سيبي” في كوبنهاجن لمدّة ساعتين على إذاعة http://boxout.fm/.
وتُداعب مريم أيضًا فكرة البَدء في تحضير أغانٍ مدمجة للمحطات الإذاعيّة والبودكاست قائلة: “يوجد شيءٌ واحدٌ مُؤكَّد، أنّ الثلاث لاعبات على “الدي جي” ليس لديهنّ رأي ثانٍ حول الاستمرار في التحكُّم بجهاز “الدي جي” ودمج الأغاني في المستقبل.” كما تُعبِّر مريم قائلة: “اللعب على “الدي جي” ليس أمرًا سأتركه قريبًا، لأنّه يجري في دمي.”