أطلقت سامية جاهين ثاني دراما إذاعيّة لها، وهي مجموعةٌ مِن الحكايات الشّعبيّة بمهرجان حكاوي الدولي لفنون الأطفال في القاهرة
بقلم/ مارثا توده
تشعُر سامية جاهين بشغفٍ شديدٍ عند سرد القصص، وقد صدر لها مُؤخّرًا الدّراما الإذاعيّة الثّانية بعنوان “دي الحكاية”. تحتوي الأسطوانة على مجموعةٍ جديدةٍ مِن الحكايات الشّعبيّة المصريّة التي ألّفتها سامية جاهين وسجّلتها في نُسخٍ دراميّةٍ بارعة. وتضمّ المجموعة عددًا مِن الحكايات الخرافيّة لهانس كريستيان أندرسن، تُقام أُولى عروضها مِن المجموعة الجديدة هذا الأسبوع في مهرجان حكاوي الدّولي لفنون الأطفال في مركز التحرير.
عند سؤال سامية جاهين عن دافعها لإطلاق المشروع، قالت: “بدأت “دي الحكاية” لمّا حسّيت إن عندي شغف أحكي القصص للأطفال. كنت عايزة أحكي لهم الحكايات الشّعبيّة اللي سمعتها وأنا طفلة مِن جدتي وعمّي وعمّتي وأخويا الكبير، لكن لقيت إنّ الحكايات دي مابقتش موجودة في أي مكان أو على الأقلّ مش بالعربيّة العاميّة.. علشان كده سجّلتها بنفسي وبدأت أحكي لها لأطفالي وأطفال أصحابي.”
أطلقت سامية جاهين مشروعها منذ ثلاث سنواتٍ، إذ اكتشفت أنّ الحكايات الشعبيّة العربية التي طالما أحبّت الاستماع إليها في طفولتها قد تعرّضت للاندثار رويدًا رويدًا، وأصبحت في طيّ النّسيان وسط جيلٍ جديدٍ ينمو في عالَمٍ يُشاهد حكايات ديزني. ولإنقاذ تراث الحكايات الشّعبيّة العربيّة مِن الانقراض، جمعت القصص المُفضّلة لها لتجديدها بأسلوبٍ عصريّ، وإعادة كتابتها باللهجة المصري، وقد أثمرت جهودها عن أوّل أسطوانة بعنوان “دي الحكاية” في 2017، وهي أوّل دراما إذاعيّة مُسجّلة للأطفال في مصر.

سامية جاهين خلال تقديم عروضها
تقول سامية جاهين: “في البداية، كنت قلقانة إن الأطفال مابقتش متعوّدة إنّها تقعد وتسمع قصص.” وهذا ما كان يشغل تفكيرها قبل أوّل عروضها العامّة، لكن لحُسن الحظ ما زال الأطفال يستمتعون بسماع القصص الجيّدة، وعلى مدار السّنوات الماضية، اكتسبت “دي الحكاية” شعبيّةً جارفةً إذ جالت سامية جاهين ربوع مصر والدّنمارك تُقدّم قصصها للأطفال في المكتبات والمدارس والمهرجانات.
في مجموعة جاهين، تجد عددًا قليلًا مِن القصص التي ألّفها كاتب الأساطير الدّنماركي العالمي هانس كريستيان أندرسن، صاحب القصص الشّهيرة “فرخ البط القبيح” و”ملابس الإمبراطور الجديدة” و”الحورية الصّغيرة”.
تُعرَف الحكايات الشّعبيّة بتقليدها الخاص في تناقلها شفهيًّا مِن جيلٍ إلى آخر، وذلك غالبًا ما يُشير إلى وجود إصداراتٍ مُختلفةٍ لكُلّ حكايةٍ، ويصعب مِن إمكانية تتبّع أصل كُلّ منها، ولا تُستثنى حكايات هانس كريستيان أندرسن مِن ذلك، ولهذا ضمّتها سامية في مجموعتها.
تُوضِّح سامية ذلك: “في ناس بتعتقد بالخطأ إن بعض حكايات هانس كريستيان أندرسن مصرية، لكن هي قصص حكاها الأجداد للأطفال اللي ماعرفوش أبدًا إنّها قصص دنماركية. ودلوقتي اندمجت في الفلكلور العربي لدرجة إنّه أصبح للقصص دي نسخ عربية كتيرة.”
لم يكُن ذلك هو السّبب الوحيد كي تضمّ سامية جاهين القصص الدنماركية، إذ أشارت إلى أنّ بها مِن السّخرية والفكاهة والسّياق البيئي ما يُناسب حالة مصر الحالية.
تُضيف سامية جاهين: “لمّا بدأت أقرأ الإصدارات بتاعت قصص هانس كريستيان أندرسن اللي أنا عارفاها كويس، لاحظت أد إيه هي ساخرة، وإزاي أسلوبه في الكتابة والعالم اللي بيخلقه قريب جدًّا من واقعنا، وحسّيت إنّه مناسب للحالة والبيئة اللي باحاول أرتبهم في القصص اللي باحكيها.”
تستغرق عمليّة تجميع النّسخ العديدة للكثيرٍ مِن الحكايات الشّعبيّة وقتًا كبيرًا، فمثلًا أمضى الأخوان غريم الألمانيّان ما يزيد على 50 عامًا لتجميع “حكايات غريم” وتحريرها في أواخر القرن السّابع عشر وأوائل القرن الثّامن عشر. ورغم أنّ مُعظم الحكايات اليوم مُجمَّعة مُسبقًا بالفعل في كُتبٍ أو مجموعاتٍ إلكترونيّةٍ عبر الإنترنت أو مُختصَرَة في أوصافٍ قصيرةٍ فإنّه لا تزال لمُعظمها نُسخ مُتعدّدة مكتوبة باللغة العربية الفُصحى فقط.

سامية جاهين خلال تقديم عروضها
تذكُر سامية جاهين: “أحيانًا كانت أسماء الشّخصيّات بتختلف، وأحيانًا كانت القصّة بتختلف. لو القصّة قصّة حيوانات، كان أحيانًا بتكون فيها حيوانات أكتر أو أقل. القصّة كانت بتتحكي وسط العائلات المصرية في الصّعيد بطريقة مختلفة عن المدينة. وعلشان كده حاولت أجمع أكبر عدد ممكن مِن النّسخ قبل ما أسجّلها وأعيد كتابتها باللهجة المصرية وأجمع أجزائي المفضّلة مع بعض.
في مهرجان حكاوي الدّولي لفنون الأطفال، ستُطلِق سامية جاهين أسطوانةً جديدةً بعنوان “دي الحكاية 2″، بدعمٍ مِن مركز الثّقافة والتّطوير ومبادرة “ديدي”. تُعرَف قصص سامية بظرافتها وأجوائها الدّافئة، لكنّها قرّرت هذه المرّة أن تضمّ أيضًا قصّةً حزينةً.
تقول سامية: “أظنّ مهمّ إن الأطفال يتعرّضوا لكُلّ أنواع المشاعر مش بس السّعادة والحماس”، مشيرةً إلى سبب إدماجها قصّة “إبريق الشّاي” لهانس كريستيان أندرسن في المجموعة الجديدة، “لأنّها قصّة صغيرة جدًّا وحزينة شوية لكن مليانة قوّة وجمال.”
وقد أُضيفت خاصيّة مُميّزة لقصّة “إبريق الشّاي”؛ إذ تُسرَد على النّغمات الرّقيقة لأغنية بعنوان “إبريق الشّاي” مِن تأليف والد سامية جاهين، الشّاعر المعروف صلاح جاهين.
“دي الحكاية 2” هي مجموعة مِن 8 تسجيلات صوتيّة دراميّة مُناسبة للأطفال مِن كُلّ الأعمار. إلى جانب النّسخ العصريّة مِن الحكايات الشّعبيّة المصريّة، تضمّ المجموعة ترجمتَين جديدتَين مِن حكايات هانس كريستيان أندرسن؛ “إبريق الشّاي” و”الرّجل العجوز دائمًا على حق”، وقِصّتَيْن مُستوحتَيْن مِن الثقافة الإفريقيّة.
تقول سامية جاهين: “أنا حاسّة بأهميّة حفظ القصص بتاعتنا لإحيائها وتسجيلها لضمان وصولها للجيل الجديد، سواء كانت قصصًا مصرية أو عربية أو إفريقية أو غربية بتتحكي على مرّ العصور، مش لازم القصص اللي بتختار ديزني تحويلها لأفلام هي بس اللي تفضل محفوظة؛ علشان كده أنا عايزة أستمر في المشروع ده، وأتمنّى انضمام ناس أكتر في المستقبل.”
تتوفّر “دي الحكاية 1″ و”دي الحكاية 2” على أسطوانات، وعلى موقع دي الحكاية عبر الإنترنت، وعلى رابط ديدي على الساوند كلاود.
يُمكنك قراءة المزيد عن برنامج “ديدي” الثّقافي مِن هنا.
أدارت المشروع مروة سعودي، مسؤولة المشروعات بمبادرة “ديدي”.