بعد أن قضى معلمان قاهريان من مدرسة المسرح الجسدي عامين في كوبنهاجن للاستفادة من تجربة مدرسة كومميديا، سيحاولون ملائمة هذا النوع كالمهرجين والفنانين الهزليين ليتناسب مع متطلبات الشارع المصري.
بقلم راسموس بوجيكوف لارسن
الرقص كورقة تسقط من شجرة. التعبير عن اللون الأحمر باستخدام جسدك فقط. التحرك كطبق من البيض مع الفطر. هذه كانت بعض التحديات العديدة التي واجهت ريهام رمزي ورائف صبري خلال فترة إقامتهما التي دامت عامين في مدرسة كومميديا، وهي مدرسة دانماركية للمسرح الجسدي.
وتبدأ قصتهم التي انتهت بهم في كوبنهاجن بلقاء حدث بالصدفة في القاهرة، فقد كانت روث ليرش، وهي معلمة في كومميديا، تقوم بتدريس ورشة عمل عندما اقترح عليها أحد المشاركين بالورشة زيارة مدرسة النهضة للفنون، الحديثة الإنشاء. وقد فوجئت أن هذه المدرسة أنشأت على نفس المبادئ الأساسية والروح الفنية التي عملت بها مدرسة كومميديا منذ حوالي 40 عاما.
وسرعان ما بدأت المدرستان المصرية والدنماركية في التعاون. وبدعم من المبادرة الدنماركية المصرية للحوار، عادت روث إلى القاهرة مع مجموعة من الطلاب من كومميديا للإعداد لعرض مشترك. وبهدف دعم هذا التعاون الجديد، تم الاتفاق على أن يسافر خريجين من مدرسة النهضة إلى الدنمارك ليلتحقا ببرنامج مدته سنتان في مدرسة كومميديا. والذي من شأنه منحهم الفرصة لتعميق فهمهم للأساليب الأوروبية الكلاسيكية للمسرح الجسدي، وأيضا استكشاف الكيفية التي يمكنهم بها ملائمة هذا البرنامج مع المجتمع المصري وإدماجه في برنامج التعليم الخاص بمدرسة النهضة الفنية.
وفي عام 2018، وبدعم من المبادرة الدنماركية المصرية للحوار، بدأ كل من ريهام رمزي ورائف صبري دراستهما في كومميديا،.
يقول رائف صبري: “مدرسة النهضة مدرسة جديدة، لذا فنحن نحاول تطوير منهج متماسك للمسرح الجسدي بشكل مناسب للسياق الثقافي المصري.
“بما أن مدرسة كومميديا واحدة من أقدم المدارس المخصصة للمسرح الجسدي، فهناك الكثير الذي نستطيع تطبيقه في مصر“.
مسرح البسطاء
يعتمد المسرح الجسدي على الحركة بدلاً من الحوار والارتجال بدلاً من النص المكتوب مسبقا، وهو له جذور في أسلوب الفن الإيطالي Commedia dell’Arte الذي أصبح أكثر شهرة بالمسرحيات التنكرية التي تتميز بالأنماط الكوميدية مثل Harlequin وPierrot.
تطور المسرح الجسدي ليشمل أنماطًا أخرى مثل الميلودراما وعروض الملاهي الليلية، وشخصيات مثل مهرج السيرك والفنان الهزلي. وتشترك جميع هذه الأنماط في كونها ممكن أن تؤدى في أي مكان ولا تحتاج إلى معدات كبيرة وغالبا ما تكون عروض صامتة أو تحتوى على حوار محدود جدا.
ومع ذلك، فالمسرح الجسدي له بعدًا اجتماعيًا و ليس مجرد شكل من أشكال المسرح.
وتشرح ريهام رمزي، إحدى مؤسسي مدرسة النهضة الفنية: “مسرحياتنا في متناول الجميع، فنحن نعرض أعمالنا أينما يعيش الناس، فلا يشترط أن يكون المتلقي على دراية جيدة بالفنون والأدب أو أن يضطر إلى السفر لشراء التذاكر أو لمشاهدة العرض”.
“عروضنا لا تحتاج إلى معدات إضاءة وصوت أو حتى مسرح، كل ما نحتاجه هو أجسادنا وخيالنا. ويعتمد الكثير من عروضنا بشكل كامل على لغة الجسد، وبالتالي باستطاعة الجميع فهمها، سواء كانوا أطفالًا أو بالغين، لا يشكل مكان سكنهم أو اللغات التي يتحدثونها فارقا”.
وكنتيجة لأن عالم الفنون بشكل عام غير متاح لأغلب الناس، لذا فيمكن لهذا الاتجاه أن يكون مؤثرًا بشكل خاص في بلد مثل مصر.
وتضيف ريهام: “الفن مركزي للغاية في مصر، فهو في الآغلب يوجد في العاصمة، بل إنه يتمركز في وسط القاهرة، والنتيجة هي أن شريحة صغيرة فقط من المجتمع تستطيع أن تحضر العروض. ولهذا فنحن نذهب إلى جميع المجتمعات لأداء العروض، وأيضا نشجع طلابنا على معالجة القضايا التي قد تكون غير مألوفة بالنسبة لهم ولكنها ذات صلة كبيرة بمتطلبات وقضايا الشارع.”
.
شوارع ذات متطلبات
وبسبب أن المسرح الجسدي لا يقدم داخل مؤسسات فنية ومسارح قائمة، فدراسته ليست متاحة في أماكن كثيرة في العالم ولا يتلقى دعمًا ماليا كافيًا. ولذا فإن التعاون مع مدرسة كومميديا سيكون له تأثير كبير على تطوير واستمرارية مدرسة النهضة.
ومن الخطوات الهامة في برنامج مدرسة كومميديا، أن الطلاب يتعلمون كيفية ابتكارعروضهم الخاصة بدون اعدادات المسرح العادي، فيصبحون قادرين على خلق حياتهم المهنية كعارضين مستقلين.
تقول ريهام رمزي: “نحتاج دائما أن نطور من مهاراتنا قدر الإمكان، فالشارع في مصر يمكنه أن يصبح متطلبًا للغاية، إذ إنه ملئ بالأصوات والحركة ودائما سيكون أكثر قدرة على التعبير من العارض. لذلك يجب عليك العمل بجدية لإيجاد طرق لجذب انتباه الناس.”
من الصعب تطبيق كل ما تعلموه في الدنمارك بشكل مباشر في مصر، فهم سيحتاجون إلى تعديل هذه الآنماط الفنية لتصبح ملائمة لجمهورها المختلف.
وكما يقول رائف صبري: “لقد تعلمنا بعض التقنيات الجديدة في مدرسة كومميديا والتي سنقوم بتجربتها في مصر، أعتقد أن الميلودراما على سبيل المثال يمكن أن تكون مناسبة بشكل جيد للبيئة المصرية، ولكن سيظل هناك حاجة لإضافة لمساتنا الخاصة إلى الاتجاه الكلاسيكي، تمامًا كما فعلوا هنا في المدرسة الدنماركية.”
ويعد التعاون مع مدرسة النهضة فرصة رائعة بالنسبة لمدرسة كومميديا لاستكشاف الثقافة المصرية والحكايات الشعبية.
تقول روث ليرش: “لقد كان من الرائع اختباراستمرارية نمو هذا التعاون، فلقد انتقلنا من السير معًا في طريق ضئيل إلى تطوير جسر ثقافي بين الدنمارك ومصر. وبالتآكيد جذب هذا التعاون انتباهنا للثقافة المصرية وأعطانا الكثير من الإلهام، لذا فمن المهم جدًا أن يحصل طلابنا على الفرصة الكاملة لغمر أنفسهم في أنواع مختلفة من الحكايات الشعبية من جميع أنحاء العالم. فبالإضافة لأنها فرصة للخروج بأفكار جديدة فهو يهيئك لفهم ما الذي يكون ذو طابع عالمي ويمكنه أن يضحك الجميع.”