العرض الأول للفيلم الوثائقي المصري الجديد “عاش يا كابتن “، كان في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، يوم السبت الماضي. الفيلم الذي حصل على دعم من المبادرة الدنماركية المصرية للحوار “ديدي”، يوثق مجتمع نساء رياضة رفع الأثقال في الإسكندرية ،حيث يحلمن الفتيات أن يصرنَ بطلات العالم
بقلم :مارثا توده
ترجمة: أحمد بزوم
رفع الأثقال صارت واحدة من أهم الرياضات في مصر، ويعود الفضل في ذلك، لرافعات الأثقال نهلة رمضان وعبير عبد الرحمن، اللتان حققتا بعضاً من أعظم الإنجازات في تاريخ الرياضة المصرية والعربية على الإطلاق، حيث فازتا بميداليات في بطولة العالم للألعاب الأوليمبية. اعتادت البطلتان على التدرب في ساحة تدريب يملؤها الغبار والأتربة في وسط منطقة صناعية في الأسكندرية، والتي تحولت فيما بعد إلى ساحة لمجتمع نساء رفع الأثقال.
في فيلمها الوثائقي الأخير، وصلت المخرجة المصرية “مي زايد” إلى نفس الأماكن المحملة بالأتربة والصخب، كي تراقب عن كثب جيل جديد من رافعات الأثقال من الأ سكندرية. فتحكي قصة زيبية البالغة من العمر 14 عام ،ونضالها في أن تصبح رافعة أثقال محترفة. “عاش يا كابتن” عمل يهدف لإلهام الفتيات الشابات حول العالم كي يسعن وراء أحلامهن وألا يخفن من الأعراف المجتمعية
يشبه سرد “عاش يا كابتن” الأفلام الرياضية التقليدية. في البداية، تستعد زبيبة لأول بطولة محلية لها بمساعدة مدربها وأبيها الروحي كابتن رمضان، ومن ثم لتباشر رحلتها في الاحتراف التي تنتهي بالفوز بثلاث ميداليات ذهبية في بطولة الناشئين الأفريقية
لاحقا سرعان ما يصبح واضحا، أن هذه ليست مجرد قصة نجاح شخص مستضعف برغم كل الصعاب. على العكس، إنها قصة عن الخسارة وتقبلها، ففي بعض الأحيان، حتى العصا الحديدية الخفيفة تصبح ثقيلة جداً بحيث لا يمكن رفعها، فتنضج زبيبة لتعلم أن الخسارة جزء من الحياة بقدر الفوز أيضا.
الكابتن رمضان، المدرب البالغ من العمر 65 عاما ، هو شخصية رئيسية في حياة زبيبة، وعلى هذا النحو أيضا في الفيلم الوثائقي”عاش يا كابتن”. هو نفسه رافع أثقال سابق، ومدرب، ووالد أول لاعبة مصرية وبطلة عالمية في رفع الأثقال نهلة رمضان .
الكابتن رمضان لا يزال يؤمن بقوة وإمكانات الشابات اللاتي يدربهن، حتى عندما يفقدن إيمانهن بنفسهن، ويحب دائما أن يحاضر والديهم عن ذلك عندما يحضرونهم إلى التدريب. في احدى المشاهد يخبر الأب أن “إعطاء الأولوية لأبنائنا الذكور صار شيء عفا عليه الزمن وأن بناتنا هن الأهم “. وفي مشهد آخر، يشجع الأم على السماح لابنتها بأن تتدرب لأن ” الفتاة بحاجة إلى أن تكون قوية كالثور”
أن تكون امرأة في مصر اليوم، يتطلب بالتأكيد بعض القوة. وتأمل المخرجة “مي زايد” في أن يحقق الفيلم الوثائقي بعض النتائج التي من شأنها تعزيز تمكين المرأة، فحتى في أوروبا، من المحتمل أن تضطر بطلة رفع الأثقال إلى محاربة عدد لا بأس به من التحيزات، لعدم كونها أنثى بما فيه الكفاية من وجهة النظر المجتمعية. هنا تجرأت زبيبة على أن تكون مختلفة وغير مطابقة لبعض المعايير المجتمعية، وبالتالي تكسر الصورة النمطية بأن النساء لسن قويات جسديا ونفسيا مثل الرجال.
ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام أن نلاحظ ، أنه حتى في ساحة التدريب لا تعتبر الفتيات بالضرورة فتيات، فالكابتن رمضان يستخدم باستمرار الضمير المذكر عندما يتحدث إليهن، أوعنهن، ويطلب منهن أن “استرجلي” و “كن رجلاً”.
من خلال ملاحظة ذلك، يوضح الفيلم الوثائقي”عاش يا كابتن” أن كسر الصور النمطية أوالحفاظ عليها يمكن أن يحدثا في وقت واحد، مما يثير السؤال الصعب عن سبب اعتبار الفتاة صبيا عندما ترفع أثقال ؟، ودعوة إلى مزيد من الأفكار حول كيفية تصور النوع الاجتماعي،و الأنوثة و كذلك الذكورة
“عاش يا كابتن” من إخراج مي زايد وهو أول أول أفلامها الوثائقية الطويلة. الفيلم إنتاج مصري ألماني دنماركي مشترك، وعرض لأول مرة بمهرجان تورنتو السينمائي الدولي في سبتمبر 2020. صمم الصوت وأعمال المكساج بريان ديربي وسمير نبيل، وبدعم من المبادرة الدنماركية المصرية للحوار وبالتعاون مع مؤسسة دعم الإعلام الدولي