هيئات الإعلام.. تنظيم أم سيطرة؟ كان هذا السؤال موضوع إحدى الجلسات الرئيسية بمنتدى إعلام في نسخته الأولى 2018، بمشاركة خبراء وصحفيين ومسئوولين بمؤسسات تنظبم الصحافة والإعلام.
نظم المنتدى، النادي الإعلامي بالمعهد الدنماركي المصري للحوار (DEDI)، بالشراكة مع جريدة الوطن المصرية، في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من أكتوبر 2018، بمشاركة واسعة لخبراء وصحفيين وإعلاميين، ينتمون لمؤسسات مصرية وعربية ودولية مرموقة.
وأدار الجلسة الإعلامي عمرو عبد الحميد مقدم البرامج بقناة TEN، حيث بدأ النقاش بالقول: “يسعدنا في قناة Tenأن نكون أحد شركاء منتدى إعلام مصر”.
وأضاف عبد الحميد: “نحن بحاجة لفهم ماذا يجري وماذا ينتظر صناعة الإعلام، واستقلالية وسائل الإعلام هي الأصل في عملية تنظيم العمل الإعلامي”.
واعتبر عبد الحميد أن انضباط الأداء الإعلامي مع المحافظة على حرية الرأي والتعبير “معادلة صعبة”.
وتحدث في الجلسة عضو هيئة تنظيم الإعلام البريطاني “Ofcom” آدم باكستر حول عمل هيئات الإعلام.
وخاطب باكستر الحضور قائلًا: “يشرفني أن أكون موجودا هنا اليوم بمنتدى إعلام مصر”.
وأضاف: “منذ عام 2003 نعمل في Ofcom كجهة مستقلة ولا نخضع لمساءلة الحكومة أو البرلمان، ونعمل باستقلالية تامة ودون ضغوط من أي جانب، كما نضع في اعتبارنا حرية التعبير كنقطة انطلاق في صحافتنا وإعلامنا”.
ومن جانبه، قال وكيل المجلس الأعلى للإعلام ورئيس مجلس إدارة جريدة الوطن عبد الفتاح الجبالي إن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في نشر الشائعات وتأجيج الصراعات.
وأضاف أن خلط الخبر بالرأي والإعلان بالمادة الصحفية أبرز المشكلات في المحتوى المنشور في مصر.
وأشار إلى وجود 7 مواد في الدستور المصري نصت على حرية التعبير ودعم وسائل الإعلام.
وقال الجبالي: “المجلس الأعلى للإعلام في مصر، مسؤول عن ضمان حرية الصحافة وفقا للدستور، وإنشاء كيانات مستقلة لإدارة الإعلام المصري فكرة برزت في كتابات منشورة عقب يناير 2011”.
كما تحدث في الجلسة عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبد الحفيظ الذي رأى أن الصحفيين في مصر “كانوا يمارسون الصحافة بقدر أكبر من الحرية قبل إنشاء هيئات تنظيم الإعلام”.
وذكر أن الصحافة المطبوعة كانت توزع أكثر من مليون نسخة يوميا منذ أربع سنوات مقابل حوالي 300 ألف نسخة فقط حاليا.
وأضاف: “كلنا شركاء في التقصير في الدفاع عن حرية الصحافة الفترة الماضية، والصحف المطبوعة تنشر قصصا متشابهة ومواد مكررة وتقليدية يوميا، وقانون المجلس الأعلى للإعلام منحه صلاحيات مطلقة وجعله أكثر تقييدا للعمل الصحفي”.
وفي المقابل، قال الجبالي: “ليس صحيحا أن المجلس الأعلى للإعلام منزوع الصلاحيات والسلطات.. لدينا صلاحيات كاملة لتنظيم الإعلام، والمجلس الأعلى للإعلام مستقل تماما عن الحكومة ولا يتبع البرلمان.. وننسق بشكل كامل مع نقابة الصحفيين في بعض القضايا”.
وشهدت الجلسة خلافًا في الرأي على المنصة بين محمد سعد عبدالحفيظ وعبدالفتاح الجبالي حول الإجابة عن السؤال موضوع الجلسة: هيئات الإعلام .. تنظيم أم سيطرة؟
وقال عبد الحفيظ: “الدور الأساسي لنقابة الصحفيين هو الحفاظ على مهنة الصحافة وعلى حقوق أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، وحال نقابة الصحفيين مايل للأسف الشديد، والجماعة الصحفية عازفة عن المشاركة في العمل النقابي منذ عامين”.
وعاد الجبالي للحديث عن مهام المجلس الأعلى للإعلام بالقول: “التحقق من مصادر التمويل وتوفير بيئة سليمة للعمل الإعلامي أبرز أدوار المجلس الأعلى للإعلام، ولابد من تعديل قانون نقابة الصحفيين لأنها لا تعترف بالصحفيين العاملين بالمواقع الإلكترونية بينما قوانين الصحافة الجديدة تقنن وضع تلك المواقع”.
وتحدث عبد الحفيظ عما وصفه بــ”شيطنة الإعلام”، واعتبر أن ذلك الأمر “ليس مسؤولية الصحفيين أو هيئات تنظيم الإعلام.. هناك جهات أخذت على عاتقها تشويه صورة الصحافة”، بحسب تعبيره.
وقال باكستر إن هيئة تنظيم الإعلام البريطاني “كانت مثالا لما يمكن أن نسميه عملية تحول”.
وأشار إلى أن الهيئة تتولى عملية التنظيم والرقابة على عمل بي بي سي.
وذكر الجبالي أن إدارة العملية الإعلامية كانت تتم بواسطة فرد واحد هو وزير الإعلام الذي لم يكن منتخبا، قبل إنشاء المجلس الأعلى للإعلام.
وردًا على سؤال حول ضوابط منح تراخيص البث الإذاعي والتلفزيوني في بريطانيا، قال باكستر: “نمنح تراخيص الإذاعة والتلفزيون وفق تشريع أوروبي موحد”.
وأوضح: “قائمة معايير محددة يجب الالتزام بها عند طلب أي تراخيص تخص الإذاعة والتلفزيون، والترخيص للعمل التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية يتم عبر تشريعات أوروبية بين دول الاتحاد الأوروبي”.
وتلقى المتحدثون في الجلسة أسئلة المشاركين وأجابوا عنها.
وقال الجبالي إن الرقابة الشعبية على عمل الإعلام تساهم في تحسين إدارة العمل الإعلامي وفقا للقوانين المنظمة.
وذكر أن المجلس الأعلى للإعلام أعد مشروع قانون حول تداول المعلومات.
وقال عبد الحفيظ: “تم فصل وتشريد أكثر من 300 صحفي بمؤسسات صحفية خاصة العام الماضي”، وعلق الجبالي بالقول: “النص في قوانين تنظيم الصحافة على وضع نصف رأس المال المؤسس لأي صحيفة أو موقع في البنك يضمن حقوق الصحفيين عندما تقوم إدارات الصحف بتسريحهم”.
كما شهدت الجلسة جدلًا بين محمد سعد عبد الحفيظ وعبد الفتاح الجبالي حول عبارة “اعتبارات الأمن القومي” في قانون المجلس الأعلى للإعلام.
وقال الجبالي إن المجلس الأعلى للإعلام ليس حكوميا.. ورد عبد الحفيظ: “شبه حكومي”.
وقال باكستر إن هيئة تنظيم الإعلام البريطاني لديها سلطات محدودة في حظر عمل المواقع الإلكترونية، وأشار إلى أن القانون العام هو ما يطبق في حالات التشهير أو التحريف.
وعاد عبد الحفيظ للحديث قائلًا: “لا حول ولا قوة للصحفيين حاليا.. ظروفنا صعبة”.
وذكر باكستر أن ضمان بقاء “المنافسة” ومنع الممارسات الاحتكارية أهم أولويات عمل هيئة تنظيم الإعلام البريطاني.
ورد باكستر على سؤال بشأن آلية عمل الصحفي الأجنبي في بريطانيا قائلًا: “إذا كنت تعمل مع مؤسسة إعلامية معروفة سيكون من السهل حصولك على رخصة”.
وعن تنظيم عمل الصحفيين الأجانب في مصر، قال الجبالي: “ننسق مع الهيئة العامة للاستعلامات بشكل كامل في تنظيم عمل الصحفيين الأجانب”.
وجاء المنتدى الذي حمل عنوان: “الإعلام وعصر ما بعد المعلومات.. خطوة للأمام”، بالتعاون مع عدد من الصحف ووسائل الإعلام المصرية والدولية، منها: بي بي سي، والتلفزيون الألماني، والأهرام، والأخبار، والشروق، والتحرير، وموقع مصراوي.
وشارك في الفعاليات صحفيون من مؤسسات إعلام دولية، مثل: بي بي سي، والتليفزيون الألماني، ونيويورك تايمز، وفرانس ٢٤، وراديو مونت كارلو، وهيئة تنظيم الإعلام البريطاني (أوف كوم).
وكان النادي الإعلامي قد استقبل نحو 1200 طلب بالتسجيل لحضور المنتدى، من صحفيين وطلاب جامعات، مصريين وعرب، ينتمون لشرائح عمرية متنوعة