بقلم/ راسموس بوجيسكوف لارسن
هل تشير كلمة “بالوظة” إلى سلطة فواكه أم تعني لوحًا خشبيًّا؟ لم تكن إليزابيث موستروب المترجمة تعي معناها، فسألت زملاءها وأصدقاءها من أصحاب المعرفة الشاسعة باللغة العربيَّة لتحصلَ على إجاباتٍ عديدةٍ مختلفة.
إيجاد الكلمة الصحيحة كان مجرد واحد من التحديات التي تحدَّثَتْ عنها خلال الاحتفال بنشر ترجمتها Dagene لواحدةٍ من أهم الكلاسيكيَّات المصرية “الأيام” (1929) بقلم طه حسين. بعد خمس سنوات من الجهود الدؤوبة التي بذلتها المترجمة والعمل الحثيث من قِبَل مبادرة ديدي لضمان وصول الكتاب إلى أحد الناشرين، نُشرت أخيرًا واحدةٌ من أقوى الروايات المصريَّة والعربيَّة تأثيرًا باللغة الدنماركيَّة في مارس الماضي.
أُقيم الاحتفالُ بمدرسة يوهان بوروبس الثانوية الدنماركية العامّة بوسط كوبنهاغن التي ينصب تركيزها على الفنون، وهو ما يتَّضح من خلال اللوحات العديدة المُعلَّقة على الجدران، والتي تضم بعضًا رُسِم في القاهرة بيد الرسام الدنماركي نيلز نيديرجارد.
بدأت الأمسية بغناء الجميع أغنية من كتاب الأغاني الذي يُعد جزءًا أساسيًّا من تقليد التعليم غير الرسمي بالمدرسة الثانوية العامّة. ثم تحدث مدير المدرسة بيورن بريدال عن أوجه التشابه بين طه حسين ومؤسس حركة المدرسة الثانوية العامّة في الدنمارك إن إف إس جروندفيج؛ حيث أدى كلٌّ منهما دورًا رئيسًا في تكوين الدول القومية الحديثة وتقدُّمِها، وكانا كلاهما محبوبَين من البعض ومحتقرَيْن من آخرين لأجل أفكارهم غير التقليديَّة.
تحدث بيورن بريدال، وهو أيضًا ناقدٌ أدبيٌّ وكاتب المقدمة للترجمة الدنماركية لـ”الأيام” قائلًا: “مدرستنا الثانوية العامّة قائمة على فكرة إننا لازم دايمًا نبص لبعض على إننا بني آدمين قبل أي حاجة تانية.”
كان طه حسين ضريرًا لا يستطيع أن ينظر وجوهَ الآخرين، ولكنه جسَّد الرؤيةَ الإنسانيةَ، ودعا إلى فهمٍ شاملٍ واسع النطاق للهويَّة الثقافيَّة المصريَّة. وفي أثناء الاحتفالية، شرح البروفيسور جايكوب سكوفجارد بيترسن كيف قاومت التياراتُ الأخرى في مصر أفكارَ طه حسين خلال سنوات حياته وحتى بعد وفاته، ولكن لم تفقد أفكارُه أهميَّتَها أبدًا.
صرح جايكوب سكوفجارد بيترسن، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة كوبنهاغن وكاتب خاتمة الترجمة الدنماركية قائلًا: “في حاجات كتير من اللي دعمها طه حسين ما زالت عايشة لحد النهارده”.
يُلقَّب طه حسين بـ”عميد الأدب العربيّ” وقد شغل مناصبَ مختلفةً في الجامعات المصريَّة وحتى في الحكومة، وقد عُرض مسلسلٌ تليفزيونيٌّ معروفٌ في الثمانينيات يتناول قصةَ حياته.
وعلّقت برنيلا برامينج، المنسِّقة بمبادرة ديدي خلال عرضها التقديميّ أثناء الاحتفالية: “المسلسل ده اتعرض مرات كتير، وهو اللي عرَّف مصريين كتير بقصة طه حسين.”
وقد انتقت مقاطع من لقاءات طه حسين التليفزيونية لتعريف الجمهور بالكاتب وكيف كانت هيئته.
رغم عدم انتشار اسم طه حسين وشهرته في الدنمارك، نأمل أن يتغير ذلك الآن بعد أن أصبحت واحدة من أهم أعماله مُتاحةً للقراءة بالل الدنماركية. أصبح ذلك ممكنًا بعد أن قررت مبادرة ديدي دعم الترجمة وقبلت دار Jensen & Dalgaard نشر الكتاب.
بعد انتهاء العروض التقديميَّة، تمكَّن الحضور، وعددهم حوالي 70 شخصًا، من التحدث إلى الناشرين وشراء الكتاب أثناء تناولهم الكعك اللذيذ، وهو بسكويت مصري يُضاف إليه الزُّبْد ويؤكل في العيد بعد شهر رمضان، وشربوا أيضًا الكركديه، وهو مشروب باردٌ منعشٌ مقدَّم من السفارة المصرية بكوبنهاغن.