جاء سفراء الحوار مِن أربعة بلدانٍ ومن جميع مناحي الحياة، واجتمعوا معًا في عَمَّان، وتعلّموا التعاطُف مع الآخرين والإنصات النّشط لهم، والاعتراف بالآخر وطريقة تسيير مجالات للحوار.
بقلم/ رنا جابر
تقول ياسمين وارتاني من تونس: «دي أوّل مرّة بعد جائحة كورونا أجتمع فيها مع كلّ الناس دي في مكان واحد.. حسّيت براحة إننا خلاص راجعين مرة تانية للحياة».
بعد عام وتسعة أشهر، تمكّن الفريق الدولي لسفراء الحوار من الاجتماع. كان مِن الصّعب للغاية على المتطوّعين الشباب الذين ندعوهم “سفراء الحوار” أن يلتقوا بسبب جائحة “كوفيد-19” والقيود المفروضة على السفر، لكن أخيرًا عُقدت الندوة في شهر أكتوبر 2021 واستمرّت لمدة عشرة أيام.
استضاف الأردن السّفراء مِن أربع منظّماتٍ شريكة: المجلس الدنماركي المشترك للشباب (The Danish Youth Council)، والكشّافة التونسية (The Tunisian Scouts)، والمبادرة الدنماركية المصرية للحوار (The Danish Egyptian Dialogue Initiative)، وأيضًا مُتطوّعون مِن منظّمة مركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة (WE Center)، وهي المنظّمة المضيفة في الأردن.
تقول ميكالا بيدرسن، مِن الدنمارك: «إحنا أربع جنسيّات مختلفة بنتقابل وبنتبادل وجهات النظر، وبنحاول نلاقي أرضية مُشتركة علشان نعرف إيه المُتشابه بينا».
تُمثّل الندوات الدوليّة المكان الذي يتدرّب فيه السّفراء على طريقة الحوار مع أنفسهم ومع الآخر وطريقة استضافة الحوار. بقدر ما يبدو هذا بسيطًا يأتي سفراء الحوار مِن جميع مناحي الحياة لتُصبح التجربة نفسها غنيّةً بالتنوّع وبفرصةٍ تسمح للسّفراء بمواجهة التحدّي بشأن آرائهم وقيمهم ورؤيتهم للعالم.
تجربة السّفراء
يقول بيتر نبيل من مصر: «تبادُل الخبرات بيساعدك إن تشوف إزاي العالم بيتغيّر مِن حواليك».
يخضع السّفراء لعمليّة تدريبٍ مُكثّفةٍ، يتعلّمون فيها عن الحوار وكيف يُصبحون جُزءًا منه، وهو ما يُلهمهم حتّى يتعمّقوا في آرائهم ووجهات نظرهم ويتأمّلوا في قيمهم ورؤيتهم للعالَم ويتعلّموا عمليًّا الأدوات التي يُمكن أن تُساعدهم في الحوار حين يُصبح الأمر مُعقّدًا للغاية. أمّا بالنّسبة إلى الإنصات النّشط والأسئلة الاستكشافية والانعكاس والاعتراف بالآخر فإنّها أدوات قليلة يتعلّمها السّفراء ويُمارسونها معًا.
تمكّن سفراء الحوار أيضًا خلال هذه الرحلة مِن معرفة أنفسهم والآخر والعالم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أيضًا تعلَّموا طُرقًا ومناهجَ مُختلفةً بما يعود بالنّفع على مُنظّماتهم حين يرجعون إلى أرض الوطن.
حين سُئِلوا عن شعورهم خلال النّدوة، كانت أغلب الإجابات تدور حول مدى شعورهم بالتّواصُل تجاه بعضهم البعض ومدى شعورهم بأنّهم مُفعمون بالحيويّة خلال الحوارات التي أجروها معًا وشعروا بالانفتاح كما لو أنّهم لم يشعروا به مِن قبل، وأخيرًا شعروا بإلهامٍ يتعلّق بإحداث تغييرٍ في العالم يُساعدهم أن يتمتّعوا بالمزيد مِن الحوار.
تقول ميرا ماجد مِن مصر: «حسّيت بامتنان كبير مِن وجود الناس. إحنا كُلّنا بنتشارك في نفس المعاناة ونفس اللحظات السعيدة كمان رغم إننا مختلفين عن بعض».
مواصلة الحوار
يقول ضياء دالي من تونس: «علشان تكون سفير للحوار ده معناه إنّك تكون في عملية تَعَلُّم مُستمرّة».
حين انتهت رحلة النّدوة واستعدّ فريق كُلّ بلدٍ للمغادرة، لم يكُن ذلك وداعًا بالمعنى المُتعارَف عليه إنّما ظلّوا على أمل اللقاء مُجدّدًا. سيتقابَل هذا الفريق مرّةً أُخرى في ربيع عام 2022 لحضور ندوة في الدنمارك، وسيحصلون على فرصة تعلّم المزيد حول تسيير ورش العمل للحوار مع الشّباب بطريقةٍ عمليّةٍ؛ سواء في المدارس أو الجامعات أو المنظّمات المُختلفة. فضلًا عن ذلك، ستتعامَل جميع الفِرق على المُستوى الوطني داخل بلادهم بنشاطٍ في تعليم الحوار على مدار السنة.