تشكَّلت أفكار وروابط جديدة مع انضمام روّادٍ مصريّين في مجال التنمية المُستدامة إلى الجزء الأوّل مِن مشروع بوّابة ديدي الخضراء، وستجمعهم ورشتا عمل مرتقبتان مع نظرائهم الدنماركيّين.
بقلم/ رازموس بوجسكوف لارسن
تتوقّع إحدى رؤى المُستقبل أنّه في عام 2071 سيتحكَّم ابن “إيلون ماسك” في نموّ الكوكب، وسيتمكَّن العالَم مِن خلال إنجازات التكنولوجيا أن يُوقف الاحتباس الحراري، لكن ذلك سيحدُث على حساب الخُضوع إلى سيِّد التكنولوجيا حيث يُوافق المُواطنون مِن جميع أنحاء العالم على وضع شرائحه الإلكترونية داخل أيديهم.
ردّد هذه الرّؤية المستقبلية واحدٌ مِن 12 شخصًا مِن روّاد التنمية المُستدامة المصريين، عندما طُرِح عليه سؤال عن توقّعاته عن كيف سيبدو العالم بعد 50 عامًا. وعلى الرّغم مِن أنّ صانعي التغيير الشّباب مُفعمون بالأمل في قدرتهم على إحداث فَرقٍ فإنّهم لا يُنكرون أنّ المستقبل مِن المُحتمَل أن يكون مكانًا يصعب العيش فيه.
قدَّمت نظرة أخرى سيناريو يتنبّأ بأنّ المياه ستغمر أجزاءً كبيرةً مِن مصر نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر. مع ذلك، سيتمكَّن المُبتكرون مِن إيجاد طريقةٍ للحفاظ على الإنتاج الزراعي المصري مِن خلال نقل الزراعة إلى أسطُح السّفن المُبحرة في البحيرة الضّخمة التي كانت تُدعى سابقًا “دلتا النيل”.
يقول أدهم محمد يوسف، وهو استشاري ومهندس في مجال الطّب البيولوجي ويعمل في مزرعة “حبيبة” العضويّة في سيناء وشركة إدارة النفايات “بيومصر”: “قد تبدو رؤيتنا للمُستقبل بائسة للغاية، وأعتقد بأنّ السّبب في هذا هو أنّ أيدينا جميعًا مُتعمِّقة في مشاكل الاستدامة. كُلّنا نعلم أنّ هذا لن يكون سهلًا، وهذه المعرفة تُقيِّدنا ويُمكن أن تجعلنا نشعر بخيبة الأمل سريعًا، لكنْ لديّ آمال قويّة بأننا سنظلّ نُكافح من أجل التغيير”.
أدهم محمد يوسف هو أحد أفراد مجموعة مِن روّاد الأعمال المصريين ومُنظّمي المجتمع الذين يعملون في مجال التنمية المُستدامة، والذين اختارتهم ديدي لمشروع البوّابة الخضراء، والتقى المشاركون للمرّة الأولى في مقر ديدي أغسطس 2021 لحضور ورشة عمل عن التّفكير المُستنير ونماذج الأعمال المُستدامة.
سياق مختلف ومنظور مُشابِه
كان التطلُّع إلى المستقبل واحدًا من الممارسات العديدة التي تهدف إلى تعريف المُشاركين ببعضهم البعض وتأجيج تفاعلاتهم الأولى. وبالتوازي مع اللقاء الذي عُقِد في القاهرة، التقى 10 روّاد دنماركيين مِن المُهتمّين بالاستدامة في مدينة آرهوس وسافروا أيضًا معًا إلى المستقبل، وفي أحد سيناريوهاتهم غمرت الفيضانات العالم ممّا جعل الناس يعيشون في مجتمعات قبلية صغيرة يُسافرون ويتنقّلون بالقوارب.
في المرحلة التالية مِن البرنامج، سيُسافر الدنماركيون إلى مصر في أكتوبر 2021 وسينضمّون إلى المشاركين المصريين في برنامجٍ مُدّته أسبوع من ورش العمل والاجتماعات والزيارات الميدانيّة لاستكشاف المشروعات المُبتكَرة التي تقوم بها الحركات الشبابية والشركات. وتتمثّل الخطة في تبادُل السّفر في نوفمبر حيث مِن المفترض أن يُسافر المصريون إلى الدنمارك لقضاء أسبوعٍ آخر من التعلُّم والإلهام والتعاون.
إنّ الهدف من مشروع البوابة الخضراء هو دعم روّاد الاستدامة وتعزيزهم مِن خلال الشراكات والحوار.
تُوضِّح رنا خميس، مديرة البرنامج في ديدي: “نريد مِن روّاد الأعمال والمُمارسين الشّباب أن يتبادَلوا خبراتهم وآراءهم ومعرفتهم وأن يتعرّضوا لتحدّيات العالم الحقيقي في مجال التنمية المُستدامة، ونأمل أن يُؤدّي هذا إلى التعاوُن عبر الحدود وإيجاد حلولٍ مُبتكرةٍ مِن أجل التّحديّات المحليّة والعالميّة التي تُواجه المجتمعَيْن الدنماركي والمصري”..
تجربة فريدة
تُعد هذه المنصّة لتبادُل الأفكار والخبرات فرصة فريدة للمُشاركين.
يتحدّث أحمد ياسين، الشّريك المُؤسّس والمُخطِّط التسويقي لشركة بانلاستيك (شركة مجتمعية مقرّها الإسكندرية تُحاول معالجة مشكلة التلوّث البلاستيكي)، قائلًا: “إنّ مجالنا نشط للغاية ويتمحور كُلّه حول الحصول على أفكارٍ جديدةٍ ثمّ محاولة ترجمتها إلى شيءٍ يُمكنك تنفيذه على أرض الواقع، ولذلك مِن المُفيد جدًّا أن تعرف كيف يفعل الآخرون ذلك. حتّى الأفكار الصّغيرة يُمكنها أن تُنير مساحات في ذهنك كانت مُظلمة مِن قبل”.
ويُتابع قائلًا: “نحتاج حقًّا إلى مثل هذه المنصّة حيث يُمكننا مقابلة أشخاصٍ في مواقف مشابهة، وليس هذا لأننا جميعًا نفكِّر بالطريقة نفسها بل لأننا يُمكننا فَهم الطريقة التي يُفكّر بها بعضنا البعض ممّا يمنحني أملًا أن أكون مع الأشخاص الذين يبحثون دائمًا عن حلولٍ حتّى عندما يتخيّلون أكثر السيناريوهات بؤسًا”.
تهدف عمليّات التبادُل بين النظراء في برنامج بوّابة ديدي الخضراء، إلى رقي التّصميم وتنفيذ النماذج الأوّليّة للاستدامة وتعزيز تخطيط استراتيجيات الوصول والتغطية المُجتمعيّة، وهذه بعض المراحل الأكثر تحدّيًا والتي تُواجه روّاد الأعمال المُهتمّين بالبيئة.
تقول سلمى عنان، وهي مهندسة بيئيّة تعمل مع مركز مصر المتميّز لإدارة المُخلّفات الصّلبة: “لقد درست الهندسة البيئيّة، ولذلك لديّ القاعدة العلميّة لكن ينقصني التطبيق. وأعتقد بأنّ هذه التجربة الاجتماعية مُهمّة للغاية، فهي لا تدور حول العلم والأعمال فحسب، بل تحتاج إلى أن تكون قادرًا على التفاعُل مع الكثير مِن المُجتمعات والأفراد المُختلفين”.
وأضافت: “سيكون مِن الرّائع معرفة ما يفعلونه في الدنمارك، وكيف وصلوا إلى ما هُم فيه الآن، والتعلَّم كذلك مِن المصريين الآخرين كيف يُنفّذون أفكارهم ويتفاعلون مع المُجتمعات المُختلفة في جميع أنحاء البلاد”.