بقلم/ مارثا توده
عَرْضُ ما يقرب مِن 200 فيلم وثائقي واستقبال أكثر من 100,000 زائر، جعل مهرجان الأفلام الوثائقيّة في كوبنهاجن (كوبنهاجن دوكس) واحدًا مِن أكبر المهرجانات مِن نوعه، فالمهرجان يُقدّم على هامشِه فرصًا رائعةً للتّواصُل مع المُتخصّصين في الصّناعة مِن خلال برنامج منتدى كوبنهاجن المُخصّص لهذه الغاية. وعُقِد المهرجان هذا العام مِن خلال الواقع الافتراضي.
يقول المُخرج المصري مروان عمارة: “مِن اللطيف أن تحضر هذا النّوع مِن المهرجانات لأنّك تشعر بوجود رابطٍ مع الناس الذين يُشاركونك الشّغف نفسه، فالأفلام الوثائقيّة مُتخصّصة للغاية وتأتي كخيارٍ ثانوي أو أقل، ليس هنا في مصر فحسب، بل في جميع أنحاء العالم”.
حضر مروان عمارة مهرجان كوبنهاجن دوكس باعتباره واحدًا مِن أربعة مُخرجين ومُنتجين ومُخرجين فنيّين في الوفد المصري برعاية ديدي.
يشتهر مروان عمارة، المخرج المُقيم في القاهرة، بأفلامه الوثائقيّة الإبداعيّة، واختار نقّاد السّينما المصريون فيلمه الأخير “الحلم البعيد” كأفضل فيلم مصري لعام 2019. وإلى جانب صناعة الأفلام، يشغل مروان عمارة منصب المدير الإداري للمُؤتمر الإقليمي للسينما العربيّة المُستقلّة، ومدير مسابقة الأفلام القصيرة في مهرجان القاهرة السّينمائي الدولي.
ويشرح مروان عمارة قائلًا: “بالنّسبة إلى صانعي الأفلام الوثائقيّة في البلدان النّامية –كما يُسمّوننا- يُشكِّل العثور على الدّعم المالي تحدّيًا كبيرًا، ونادرًا ما تجد دعمًا كافيًا مِن المنح الوطنيّة والإقليميّة لأنّ الأفلام الوثائقيّة لا تُصنَع عادةً لتحقيق ربح كبير، ولذلك تحتاج دائمًا إلى العثور على نوعٍ مِن التّعاون الدولي”.
ويهدف مُنتدى كوبنهاجن مِن خلال جمع مُمثّلين بارزين مِن صناعات السّينما معًا، إلى تسهيل عمليّة تطوير مشروعات الأفلام الوثائقيّة وتمويلها بإمكانيّات دوليّة؛ فمِن ناحية، يشهد المنتدى تنظيم نقاشات المائدة المُستديرة حيث يُمكن للحضور الانخراط في النّقاشات مع الشّركاء المُحتملين. ومِن ناحيةٍ أُخرى، يستعرض المُنتدى “عروض الوفود” حيث يُقدِّم كُلّ وفدٍ نفسَه ومشاريعه لجميع المُهتمّين.
ويُضيف مروان عمارة: “كان صُنّاع الأفلام والمُنتجون ومُمثّلو المهرجانات السّينمائيّة يبحثون جميعًا عن شركاء أو أشخاص يدعونهم لمهرجاناتنا أو مُنتجين مُشاركين، وكانت المحادثات شيّقة للغاية”.
علاوةً على ذلك، يوجد جُزءٌ خاصّ مِن برنامج المُنتدى مُخصَّص للتّرويج للأفلام، بحيث يُمكن للمُخرجين والمُنتجين مِن جميع أنحاء العالم تقديم 35 مشروعًا مُختارًا بعنايةٍ مِن الأفلام والمسلسلات الوثائقيّة في قطاعات الأفلام غير الرّوائية والرّوائية والفنون البصرية والصحافة والعلوم. وفي هذا العام، كان فيلم مارك لطفي “أيام وحياة عمر الشريف” مِن بين المشاريع المُختارة.
لا يُعدّ امتلاك علاقات دوليّة قويّة أمرًا مُهمًّا مِن حيث تمويل الأفلام فحسب، بل أيضًا في التّوزيع.
يقول أمير رمسيس، أحد أعضاء الوفد المصري: “لا تذهب الأفلام الوثائقيّة بعيدًا إلى أي مكانٍ في مصر. كان فيلمي هو ثاني فيلم وثائقي يُعرض على الإطلاق في دور العرض المصرية، والآن ربما كل ثلاث أو أربع سنوات يُعرَض فيلم وثائقي على نطاقٍ واسعٍ في مصر. لذا، فأنت تعتمد فعلًا على وجود جمهور دولي لفيلمك”.
يُشير أمير رمسيس إلى فيلمه الوثائقي “يهود مصر” الذي حقّق نجاحًا كبيرًا على كلا الصعيدين الوطني والدولي عندما عُرض للمرة الأولى في عام 2013. ومنذ تخرّجه في المعهد العالي للسينما عام 2000، أخرج أمير رمسيس، المدير الفني لمهرجان الجونة السينمائي، فيلمين وثائقيين وستة أفلام روائية طويلة. وعُرض فيلمه الأخير “حظر تجوّل” في مهرجان مالمو السّينمائي الشّهر الماضي.
على مدى السّنوات القليلة الماضية، ظهر اهتمامٌ مُتزايدٌ في الدنمارك بالأفلام العربية. ومثَّل مصر فيلمان في مهرجان كوبنهاجن دوكس: فيلم سماهر القاضي “كما أريد”، وفيلم علي العربي “كباتن الزعتري”.
وشهدت الدنمارك أيضًا ظهور العديد مِن المهرجانات السّينمائية الصّغيرة ومتوسّطة الحجم التي تركّز على الأفلام الوثائقيّة العربيّة.
كان أمير رمسيس على مدار سنوات عديدة يتطلّع إلى مهرجان كوبنهاجن دوكس ليجد الإلهام لبرنامج مهرجان الجونة السّينمائي، وكانت تجربته مختلفة هذا العام. وفي أثناء فعاليات التواصُل، أُتيحت له الفرصة للقاء صانعي الأفلام والمُنتجين الدنماركيّين واكتسب رؤيةً أكثر دقّة عن صناعة السّينما الدنماركية.
وأوضح أمير: “نحن لا نسمع الكثير عن صناعة السّينما الدنماركية في هذا الجزء مِن العالم، مثل القنوات التليفزيونية الموجودة هناك ومَن الذي ينتج الأفلام ومَن الذي يُموّلها. لذلك، كان مِن المُفيد للغاية الحصول على فرصة التحدُّث مع المُنتجين وصانعي الأفلام الدنماركيّين، واكتشفت أنّ لدينا الكثير مِن الأمور المُشتركة في المبادرات التي نتّخذها”.
توجد ميزة خاصّة أخرى لمهرجان كوبنهاجن دوكس وهي الأكاديمية الخاصّة به لطُلاب الجامعات (كوبنهاجن أكاديمي)، والتي تُقدِّم دروسًا ومحاضرات ونقاشات إلى جانب إتاحة الوصول المجاني للبرنامج بأكمله المكوّن مِن نحو 200 فيلم وثائقي.
تقول هاجر البلتاجي: “تمنحني الأفلام الوثائقيّة وجهات نظر مُختلفة حول الناس والعالم، وتجعلني أُشكك في آرائي، وتمنحني إمكانيّة اختبار شيءٍ لم أكُن أستطيع اختباره لولاها”.
وتُسعى هاجر البلتاجي حاليًّا إلى الانتهاء مِن درجة الماجستير في الهندسة المعماريّة والتصميم البيئي، وكانت واحدة مِن عشرة طُلابٍ مصريين شاركوا في كوبنهاجن أكاديمي هذا العام تحت رعاية ديدي.
وتقول هاجر البلتاجي: “أحد الدّروس الرّائعة التي حضرتها كان في النّقد لأننا تمكّنّا مِن مُناقشة الأفلام، والتقينا بعض صانعي الأفلام التي شاهدناها، وطرحنا عليهم أسئلة وناقشنا الفيلم معهم”.
وعندما سُئلَت إذا كانت ستوصي بالتجربة لطّلابٍ آخرين، أجابت هاجر البلتاجي بلا تردّد: “إنّها فرصة رائعة للغاية، خاصّة للأشخاص الذين يعملون في الإعلام أو الأفلام أو الهندسة المعماريّة، وأُوصي بشدّةٍ الناس بالحضور العام المقبل”.
كانت ندى رياض، الشّريك المُؤسّس لشركة فلوكة فيلمز للإنتاج بالقاهرة، ونادين الدريني، الشريك المُؤسّس ومدير مهرجان مصر دوت بكرة للأفلام القصيرة، جزءًا من الوفد المصري الذي حضر مهرجان كوبنهاجن دوكس 2021.
يُمكنك قراءة المزيد عن الوفد المصري من هنا
يُمكنك قراءة المزيد عن مهرجان كوبنهاجن دوكس من هنا
أدارت المشروع سارة بهجت، مديرة المشروع في ديدي